ما أقدمه اليوم على أنه نظرية، ليس بالضرورى أنها تكون نظرية ثابتة، ولكنى أسوقه إظهارا لما يمكن أن يكون للقوى الكونية التى نعرفها، ومن شأن فى تنظيم خواص الحياة. ولا داعى أبداً أن نقصر القوى العاملة على الكيمياء والفيزياء كما حاول بعض العلماء أن يفعل دون أن يصيبوا فى ذلك نجاحاً.
هذه القوى التى نصفها أنها "إلكترونية" قد لا تكون كذلك حتمياً ولكنها قوة شبيهة بها على أى حال، قوة لها قدرة على "التنظيم والتوجيه"، دون أى تغيير كيميائى أو فيزيائى، ولها قدرة على التأثر بالعوامل الخارجية إذا كانت لدى ممن يعمل فى الإلكترونيات. وتستطيع الاحتفاظ بهذا التأثر ما لم تغيره عوامل أخرى من نوع المؤثر الأول. أى أنها بمعنى آخر تحتفظ بترتيبها وتظهر آثاره مهما تعددت التغيرات الكيميائية والفيزيائية التى قد تتعرض الخلية ومادتها الحية إليها. وهذا ما يجعلنا نقبل الصورة التى نعرفها عن الانقسام والتناسل والوراثة على أنها ممكنة دون حاجة إلى فرض قوة أعلى من الحياة تهيئ لها هذا النظام. وبذلك لا تكون هناك حاجة إلى فرض "علة غائية". أو فرض قوة غير قوة القوانين الأدنى عند محاولتنا فهم ما هو أعلى. وقد استطاع العلماء أن يفهموا الكثير من معضلات علم الحياة على ضوء هذا التصور سابق الذكر. لا بزيادة فى علمهم بالوقائع ولا بإضافة جديدة إلى هذه العلوم، ولكن يتم لهم ذلك بتنظيم معرفتهم بهذه العلوم تنظيماً جديداً. وكثير من المشكلات التى أقامها علماء الحياة أمام أنفسهم ترجع فى الحقيقة إلى أنهم خلفاء الفلاسفة، فكان علبهم أن يتناولوا مشكلات هى فى الأساس من عمل الفلاسفة وحدهم ولا أساس لوجودها فى الطبيعة. ولو كانوا على العكس خلفاء للرياضيين والطبيعيين – كما يجب أن يكون فى رأى – لكان الحال فى تنظيم العقل الشامل والمعرفة بخواص الحياة أصوب. ولكان لهم فى النهاية غنى عن الكثير من الصعوبات التى اعترضتهم على مر العصور فى التحليل والبحث للوصول إلى حقيقة تنظيم خواص الحياة. كما ظهر ذلك فى عصرنا الحالى من تفسيرات واضحة تناولت مشكلات الوراثة مثلاً، وخاصة وراثة الصفات المكتسبة، ومشكلات التطور والتناسل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة