ستبقى الداخلية واحدة من المؤسسات المحافظة على كيان الدولة وبقائها، مهما طالها من اتهامات بسبب تصرفات بعض المنتمين لها، ومهما كثرت المزايدات عليها ومهما حدث من أخطاء أو تجاوزات فردية أو غير مقصودة، فهى مؤسسة يشهد تاريخها على دورها ووطنية الغالبية العظمى من أبنائها الذين ضحوا بحياتهم فى سبيل أمن هذا البلد وأهله، لكن لأننا كثيرا ما نقع أسرى وسائل إعلام موجهة فلا نلتفت إلى هذا التاريخ ولا ما تقدمه مؤسسة الشرطة من جهد وتبذله من عرق وإنما دائما نلخص كل هذا ونختصره فى واقعة فردية ننسج من حولها القصص والحكايات المشوهة لبطولات هذه المؤسسة بما فى ذلك عيدها الذى يرتبط بذكرى وطنية خالصة كانت عنوانا للفداء فى 1952 عندما رفض أبطال الشرطة الاستسلام للإنجليز وتسليم سلاحهم والتخلى عن حماية مبنى محافظة الإسماعيلية وبسبب هذه الروح الفدائية فى سبيل الوطن سقط منهم خمسون شهيدا وأصيب أكثر من ثمانين آخرين برصاص الاحتلال.
هذا الحدث الوطنى الرائع يريد البعض أن يلغيه ويستبدله بعيد ثورة 25 يناير نكاية فى الشرطة نفسها، وهذا فى حد ذاته عين الخطأ بل جريمة فى حق مصر وتاريخها النضالى، ففضلا عن أنه لا يوجد ما يمنع أبدا أن يتزامن العيدان، عيد الشرطة وعيد الثورة كمناسبات وطنية تستحق أن يحتفل بها الشعب، فإن ثورة يناير وإن إجتزأ البعض أسبابها فى ممارسات الشرطة فالحقيقة أنها لم تكن كذلك وإنما كانت نتيجة معطيات وأسباب مختلفة كان من بينها تصرفات بعض المنتسبين لجهاز الشرطة وبعض إداراتها التى كانت تعمل لنظام وليس لدولة، وكل هذا تغير تماما الآن وعادت الشرطة كمؤسسة دولة وليس كحامية نظام، وتسعى كل يوم لتطور من أدائها وخلق كيانات وإدارات جديدة تحقق الأمن المجتمعى، وابتكار أساليب جديدة لضبط ممارسات رجالها وتغيير ثقافتهم بما يواكب التحديات الجديدة، حتى التجاوزات التى رصدت من بعض رجالها خلال السنوات الأخيرة لم تكن ممنهجة أو تعبر عن سياسة عامة وإنما كانت من أشخاص أضيرت منهم الشرطة نفسها قبل غيرها.
الواقع الأن يؤكد أن الشرطة تعلمت الدرس جيدا واستعادت عقيدتها ، ويحق لأبنائها أن نقدم لهم فى عيدهم التحية والشكر على ما يبذلونه من أجلنا والذى بسببه فقدت هذه المؤسسة فى 6 سنوات فقط منذ 25 يناير 2011 وحتى الأسبوع الماضى نحو 880 شهيدا ما بين ضباط وأمناء وأفراد ، وتعرض أكثر من 28 ألفا و800 آخرين لإصابات مختلفة سببت لبعضهم عجزا كليا أو جزئيا وأقعدت كثيرا منهم عن العمل، وأتحدى أن يكون فى العالم كله جهاز شرطة فقد هذا العدد الكبير من أبنائه فى مهام حماية الأمن وتطبيق القانون ومكافحة الإرهاب وحماية الدولة ، لكن للأسف لا نتذكر لهذه المؤسسة العريقة سوى السيئات ونحملها كل الكوارث وننساق وراء شائعات نعرف تماما أن مصدرها من يريدون هدم هذه المؤسسة هى وغيرها من كل المؤسسات التى تحمى البلد ، لكن فات هؤلاء أن شعب مصر مهما غضب فى بعض الأوقات وأصابه الإحباط بسبب بعض الظروف لكنه لا يمكن أن يسلم عقله كى يكون جسرا يعبر عليه المخربون و المتأمرون إلى أهدافهم ، وستبقى الشرطة كمؤسسة دولة قوية قادرة على تطهير نفسها ممن يسيئون إليها ، مثلما بقيت وستبقى القوات المسلحة والقضاء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة