كان من الضرورى أن يفشل الإخوان ومن معهم، فى التعبئة والحشد يوم 25 إبريل، ليتأكدوا أن الرفض الشعبى لهم، ما زال بنفس قوته منذ 30 يونيو، وأن الجدار العازل بينهم وبين المصريين لم تسقط منه طوبة واحدة، وأن الناس الذين دعوهم للخروج، للفوضى والاعتصام واحتلال الشوارع والميادين، خرجوا بالفعل يحتفلون بذكرى تحرير سيناء، ويرفعون إعلام مصر، ثم عادوا إلى بيوتهم سالمين آمنين.
عاش الإخوان ومن معهم يوما من الخيال فى 25 إبريل، وظلوا ينتظرون ما بعد الظهر ثم العصر والمغرب، ولسان حالهم يسأل «أين الملايين التى تملأ الميادين؟»، وعندما لم يجدوا أحدا بدأوا حرب الأكاذيب والشائعات وبث لقطات قديمة لمظاهرات منذ سنوات مشفوعة بتعليقات نارية «الحرائر يبدأن الثورة»، «المصريون ينتفضون فى كل المدن والقرى»، «الثورة مستمرة حتى يعود الرئيس الشرعى»، واكتشف الناس بأنفسهم مدى الخلل النفسى والعقلى الذى أصاب الجماعة وقادتها، فخُيل لهم أو تخيلوا أنهم على أبواب تغيير النظام.
بهذه المناسبة اسأل من يهمه الأمر فى هذا البلد: لماذا تتركون المواقع الإخوانية تمرح فى بيوتنا بالليل والنهار؟ السعودية أغلقتها، وكذلك الإمارات، لأنهم اكتشفوا قيامها بتجنيد الشباب، أما عندنا فالمسألة سداح مداح ولا يتحرك أحد إلا إذا وقعت كارثة، فموقع «رصد» مثلا يحشد كل أنواع الشتائم والسفالات ضد مصر ورئيسها وجيشها وشعبها، ويسخر مجموعة من الكتاب يكتبون بالمطاوى وليس الأقلام، ورغم ذلك لم يتم اتخاذ إجراء ضده، وكأن الأمر «عادى وتعدى».
لم يخرج الناس يوم 25 إبريل إلا للاحتفال والفرح، لأنهم استوعبوا الدرس، وتأكدوا أن الإخوان ومن معهم يختارون المناسبات الوطنية مثل السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان، وعيد تحرير سيناء و25 يناير، لسرقتها أو لتشويهها على طريقة «يا نحكم مصر يا نحرقها»، واستبدالها بمناسباتهم واحتفالاتهم، فيوم 6 أكتوبر، مثلا، ركب مرسى حين كان فى الحكم، سيارة السادات المكشوفة، وطاف بها فى استاد القاهرة، وسط الإرهابيين واالمتطرفين وقتلة السادات، وغاب عن الاحتفال رجال القوات المسلحة صُناع النصر، وامتزجت دموع الناس بضحكاتهم، وهم يسمعون الإخوان يخلعون على مرسى لقب، قائد العبور الثالث الذى تحقق فى 25 يناير.
عدى اليوم بسلام، ولكن لسنا فى أحسن الأحوال، ومازالت كثير من الجهات والهيئات نائمة فى العسل أو الخل، وليست على مستوى الأحداث المهمة التى تمر بها البلاد، فالمجلس القومى لحقوق الإنسان، مثلا، لم تصدر عنه كلمة واحدة للتهنئة أو لتنوير الناس بحقوقهم وواجباتهم، والمجلس القومى للمرأة، على الأقل كان يشيد بدور المرأة العظيم وأمهات الشهداء، ولم نسمع صوت الدكتور على عبدالعال، ولا مسيرة من النواب المحترمين لقبر الجندى المجهول، وانسحب التليفزيون المصرى بكل قنواته من المشهد، وتركنا فريسة للتوك شو وغادة عبدالرازق.. الله يرحمك يا جلال معوض الذى كان يستغل إنصاف المناسبات، لإدخال الفرحة والحماس والبهجة فى كل بيت مصرى، فى حفلات «أضواء المدينة».
كل مناسبة وأنتم بخير، وموعدنا فى العاشر من رمضان، ذكرى الانتصار العظيم، انتظروا نفس السيناريو ونفس الحوار ونفس الشخوص، ودعوات للتهييج والتحريض والتظاهر، وهلاوس وخيالات إخوانية حول الملايين التى ستنطلق بعد مدفع الإفطار، لإعادة تنصيب مرسى وليؤدى معهم صلاة الفجر.. لا الملايين ولا حتى العشرات سوف يخرجون، إلا للسهر فى الحسين وتناول السحور، ولا مرسى هيرجع إلا إذا الزمان عاد يا زمان.. مصر عادت لشعبها وشعبها عاد إليها، وكل سنة وأنتم طيبون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة