هل يستطيع الإنسان أن يصبح عالما أم الأسهل أن يصبح نجما فى أحد المجالات كالتمثيل أو الكرة أو الاستعراض أو تقديم البرامج... إلخ؟ أم يحتاج الإنسان ذاته ليسأل نفسه نفس السؤال بطريقة عكسية فيقول: هل أستطيع أن أصبح نجما أم الأسهل أن أصبح عالما؟
إن لحظة أو لحظات التفكير فى السؤالين أسهل مما يتوقع الإنسان، ولكن فترة التأمل بعمق فى المغزى هى التى ستحمل للمتأمل المغزى الحقيقى والمفيد من هذه الأسئلة.. فَلَو تأملنا بعمق سنجد أنه لا يستطيع الإنسان أن يصبح عالما دون أن يمتلك الحس الفنى، ولا يستطيع أن يكون نجم حقيقى دون أن يكون عالما.. وعلم الحياة ومواقفها والتعاملات البشرية هو العلم الحقيقى الأهم من حفظ الكتب والمقررات الدراسية على يد أصحاب العقول الجامدة أو الفارغة أو أصحاب النفوس الضعيفة أو غير السوية.
إن الأسباب التى خلقت هذه الأسئلة هى أسباب متواجدة حولنا كل يوم فى عيون وتصرفات الشباب والأطفال، فجميعهم يبحثون عن تقدير الذات فى مجتمع أصبح ينظر لقيمتك كإنسان من خلال ماركة ملابسك ونوع سيارتك وما تمتلكه من مال، وبطبيعة النفس البشرية ستلجأ إلى الطريق الذى يحقق لها تقدير الذات طبقا لما تجده حولها من نماذج.
يتردد دائماً أن فى بعض المجتمعات الكل له تقديره كإنسان بصرف النظر عن مظهره الخارجى أو ما يمتلكه من مال، فالكل ملك فى وظيفته لما تحمله من فوائد للمجتمع، فالتقدير كل التقدير للمحامى الذى يدافع عن الحقوق ولعامل النظافة الذى نحيا بوجوده حياه صحية وللممثل الكوميدى الذى يخلق الابتسامة بداخل النفوس وللمعلم الذى يعلم أفراد المجتمع الاخلاقيات.
لكن عليك عدم نسيان أن المجتمعات الناجحة بالفعل لا تعطى قيمة لأى إنسان مهما كان عمله إن لم يحقق الهدف السامى من عمله.. فالعالم قد يستغل علمه فى ضرر البشرية، والممثل قد يستغل موهبته فى توصيل قيم سلبية للناس والمحامى قد يدافع عن الظالمين وليس المظلومين وعامل النظافة قد يهمل عمله فيساعد على نشر الأمراض وليس التخلص منها، وسائق النقل قد يترك سيارته دون تصليح فتخرج عوادمها لتلوث البيئة... إلخ.
إذن فالعبرة ليست فى الوظيفة لكنها فى كيفية استغلالها.. وإن رأيت أن هناك العلماء ليس لهم قيمة فى مجتمعك فانظر إلى عالمنا الجليل الراحل أحمد زويل والعالم الجليل مجدى يعقوب، وإن كان ظنك بأن الفنان ليس له قيمة ولا يستحق ما يتقاضاه من أموال أو تحقيق للذات فانظر لحالتك النفسية عندما تستمع لأغنية للراحل العندليب عبد الحليم حافظ.. أو تشاهد عملا للنجم عادل إمام.
علموا أولادكم أن العبرة ليست فى الوظيفة، لكن العبرة فيما تحب أن تعمل بصدق حتى إن كان فى نظر الناس عملك بسيط وليس له قيمة فستستطيع بحبك الصادق لعملك أن تخلق له قيمة، فكم من محامٍ لم يتم تقدير وظيفته فى المجتمع لكن يوجد محامى تألق وأصبح من نجوم المجتمع، وكم من رجل أعمال كان عامل بسيط، لكنه أصبح شخصية مؤثرة بالمجتمع والعكس.
إن أردت البقاء والوصول الحقيقى فعليك بالتعمق فى سيرة المتميزين فقط مهما كانت قلتهم.. خذ منها ما يرضى ضميرك ويرضى عنك خالقك واترك منها ما لا يرضيك.. ولا تنسى إن أردت الورد من البستان فابحث للصبر عن عنوان، فلو كانت ضغوط الحياة وصدماتها سبب لدوام انكسارنا لما وجدنا متألق على ظهر الأرض، تستطيع أن تحقق ذاتك الحقيقية بشخصيتك وأخلاقك بعملك فيما تحب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة