حوادث الطرق والسكك الحديدية، وحوادث الإهمال فى المستشفيات الحكومية والخاصة، وحوادث الإهمال فى المدارس، هى حديث الناس ليل نهار فى مصر، ويتحمل الفقراء نتائج تلك الحوادث التى تعبر عن الإهمال وغياب الإحساس بالمسؤولية لدى المسؤولين تجاه من ولاهم الله سبحانه وتعالى أمورهم، يقول النبى، صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل فى أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة فى بيت زوجها راعية وهى مسؤولة عن رعيتها، والخادم فى مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته».
والمعنى أن المسؤولية تقع أولا على الإمام، وهو رئيس الدولة، ورئيس الحكومة، وممثلوهما فى دوائر المسؤولية المختلفة كالمحافظين ومسؤولى البيروقراطية المختلفة كل فى موقعه، ورغم تصريحات المسؤولين فى كل كارثة تقع بأن الإهمال خطر أشد من الإرهاب فإن التصريحات تقوم مقام العمل والمسؤولية والحركة، وكأن التصريحات اعتراف من الحكومة يعفيها من المسؤولية، حكومات التصريحات هى أشد الحكومات بؤسًا ونفاقًا وإهدارًا لمقدرات الأمة.
كارثة مركب الوراق هى آخر الكوارث التى يدفع ثمنها الفقراء وقد بلغ عدد ضحايا هذا المركب المشؤوم حتى كتابة هذه السطور أربعين قتيلا، وقد بدأت وزارة الصحة يوم غرق المركب نهاية الأسبوع الماضى بالحديث عن 12 قتيلا، ثم زادت حتى بلغت 22 ثم 29 قتيلا، وهاهى تبلغ الآن 40 قتيلا، وهى كارثة بكل المقاييس، ومن خلال متابعتى لتفاصيل القصة فإن الإعلام الرسمى والخاص تعمد إهمال قصة المركب وعدم تسليط الضوء عليها، ولم يتحرك أحد من الحكومة ليكون فى موقع الحدث، وكان يجب على رئيس الوزراء الذى كان فى الخارج أن يقطع زيارته لإيطاليا ويعود لمتابعة الكارثة لأنها كارثة بكل المقاييس.
تشير التقارير إلى زيادة عدد الفقراء فى مصر منذ عام 2013 ونحن هنا نأخذ بالتقارير الرسمية فى مصر، فقد أشار الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أن نسبة الفقراء من إجمالى عدد السكان فى مصر وصلت 26%، وبنك الطعام يشير إلى أن 42% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، والجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء يشير إلى أن نسبة الفقر بين الأسر المصرية يزيد على 25% عام 2012، وهذه النسبة تتصاعد. وعلى مستوى التوجهات السياسية للنظام السياسى فإنه لم يعلن انحيازا واضحا فى سياساته نحو الأخذ بمعيار العدالة الاجتماعية والانحياز للفقراء، ففاتورة تخفيض الدعم فى الموازنة العامة للدولة دفعها الفقراء، بينما لم تفرض الدولة ضرائب على الأغنياء وذلك لتخفيض العجز فى الموازنة العامة للدولة، وتسعى الدولة لاستمالة رجال الأعمال من أجل الاستثمار والحصول على الأموال بما فى ذلك سن تشريعات للتصالح مع من اعتدى على حقوق الدولة وإمكانيات البلاد، وهو مؤشر على أن الدولة يدها لا تزال مترددة تجاه من يعتدى على حقوقها، والجهاز المركزى للمحاسبات لديه تقارير واضحة عن العدوان على مستحقات الدولة ومقدراتها، ورغم ذلك لم تتحرك الدولة تجاه استعادة حقوقها، ليس فقط الإهمال الذى كشف عنه حادث مركب الوراق، ولكنه الفساد المستشرى فى أروقة الجهات المانحة للتصاريح لتلك المراكب، والتى تراقبها وتتابع عملها وتفتش عليها، وهنا فإن شرطة المسطحات المائية ووزارة الرى مسؤولان عن الكارثة، من يتجول أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون سوف يعرف إلى مدى تبلغ الفوضى والاستهتار والإغضاء من جانب الحكومة لتترك ملاك هذه القوارب يديرونها بعيدا تماما عن وجود للدولة، وكأن الدولة غائبة تماما، لا بد من حضور الدولة، ولا بد من استعادة روح القانون فيها، لدينا مشكلة جوهرية لا بد من إيجاد حل لها بشكل واضح لا لبس فيه وهى كيفية استعادة دولة القانون، الطرق الأبوية فى إدارة الدولة يجب أن نتجاوزها نحو دولة حقيقية تبسط يدها وقانونها على كل مواطنيها بما فى ذلك انحياز واضح للفقراء وتحقيق العدالة الاجتماعية.
عدد الردود 0
بواسطة:
المصرى الواعى لابواق الخونة الارهابيين
ايها البوق الاخوانى مدعى الانشقاق كفاكم مزايدة و صيد فى المياة العكرة مؤامراتكم مكشوفة