محمد محمد السعيد عيسى يكتب: نحو فلسفة تعليمية من خارج الصندوق

الأربعاء، 18 مارس 2015 12:02 ص
محمد محمد السعيد عيسى يكتب: نحو فلسفة تعليمية من خارج الصندوق ابن سينا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن من يبحث فى تاريخ العلماء الأوائل ومقدار إنتاجهم العلمى يقف متحيرًا عن سبب غزارة علم هذا العالم وتنوعه على الرغم من صغر سنه، فنجد عالم مثل الخوارزمى مثلاً قد أسهم بمؤلفات فى مجالات متعددة مثل الرياضيات والجغرافيا وعلم الفلك وعلم رسم الخرائط والجبر. ونجد عالم مثل ابن سينا يؤلف 200 كتاب فى الطب وفى الفلسفة وله كتب منها تعد مراجع علمية تدرس فى جامعات اليوم. والسؤال المهم كيف استطاع هؤلاء أن يوفروا الوقت للدراسة والتأليف والعمل؟ والسؤال الأهم هل كان سيكتب لهم النجاح لو ذهبوا إلى مدارسنا النظامية وأضاعوا 16 عامًا من إعمارهم داخل الفصول؟.

لماذا يعيش أولادنا محبوسين بين جدران المدارس ستة عشر عامًا مع الشغل؟ لماذا لا نفكر فى إطلاق سراحهم من محبسهم ونصنع لهم تجربة جديدة تنبع من أصولنا وتاريخنا المجيد؟ لماذا لا نفكك هذه المدارس النظامية التى تصنع لنا كل يوم جيلاً عاطلاً ونستبدلها بورش علم قادرة على صناعة أجيال عالمة وعاملة تفيد البلاد والعباد؟.

لماذا لا نصنع بيئة تعليمية واقعية تفاعلية يتعلم فيها الطالب من الطبيعة ويبنى فكره وينضج شخصيته من الخبرات الناتجة عن الاختلاط الواقعى بالمجتمع؟ فبدلاً من تضيع ستة عشرة عامًا فى علوم نظرية يستقيها من مناهج فاشلة سرعان ما يضيع أثرها فور التخرج، يتم دمج الطالب فى ورش علم تابعة لمؤسسات عاملة بمجرد أن يكمل تعلمه لمهارات القراءة والكتابة والحساب.

تخيل معى عزيزى القارئ أن يكون لدينا طبيب متمرس فى الطب عمل وتعلم فى ورشة علم ملحقة بمستشفى منذ أن كان فى الثانية عشرة حتى يصل إلى السادسة والعشرين قبل أن يصبح طبيبًا متخصصًا، يا ترى هل يمكن مقارنته بالطبيب الذى بدأ فى تعلم المهنة بشكل واقعى وهو فى سن السادسة والعشرين؟

تخيل معى مصنع الغزل والنسيج وبه ورشة علم يتعلم فيها الطلاب المهنة ويمارسوها حتى يتخرجوا منها مهندسين على أعلى مستوى فى الأداء، فمنهم من يكتفى بالعمل فى دوائر الإنتاج ومنهم من يتخصص فى تطوير ماكينات الغزل ومنهم من يخرج خارج الصندوق ليبدع لنا طرق وأساليب جديدة فى تلك الصناعة.

تخيل معى شركة الكهرباء وشركات الهواتف ومصانع الحديد ومديريات الزراعة والمؤسسات العسكرية والحكومية وكل قطاعات الدولة وقد أنشأت ورش علم لتعليم طلابها فنون العمل وأسراره، هل يمكن أن يكون هناك بعد ذلك بطالة زائدة فى المجتمع؟ هل يمكن أن يكون لدينا عامل فاشل لا يحب عمله؟ الاجابة هى لا بكل تأكيد فهؤلاء العمال عاشوا واستمتعوا فى طفولتهم وشبابهم بالمجال الذى تخصصوا فيه وبرعوا فيه.

إن فكرة وأليات عمل المدارس بشكلها الحالى تهدر طاقات المجتمع وتضيع فرصة كبيرة على الشباب من أن يندمجوا فى مجتمعاتهم . ولو نظرنا إلى الطفل الذى لم يذهب إلى المدرسة وتعلم فى سوق العمل لوجدناه فى سن الشباب أفضل بكثير جدًا من الخريج (الجاهل) الذى لا يعرف عن الواقع والحياة إلا مجموعة من الأحلام والأوهام. إن الفكرة قد تبدو غريبة على البعض ولكن صدقونى يجب أن نغير نظام التعليم الحالى لأنه لن يسهم فى بناء المجتمع.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة