باقى من الزمن أيام ويرحل هذا العام غير مأسوف عليه وقبل مجىء عام جديد تمنح الأمنيات لنفسها الفرصة لرقصة الأحلام، فمنا من يقتنص لحظات للتمنى ويحلق بعيدا عن واقع صعب ويختفى مؤقتا اليأس المترهل بداخلنا لتحتل الأحلام مكان الصدارة، ونمتلئ بها رشاقة وانتعاشا، وكأن العام الجديد سيقضى على الفوضى السائدة خارجيا وداخليا، وكأنه سيأتى محملا بالهدايا والمفاجآت السارة.
ومنا من يبدأ رحلة اللهاث خلف التوقعات بالبحث عن المستقبل، ونبدأ البحث فى الأبراج الفلكية وكأنها ستهدينا من السماء حظا أفضل وتغييرا شاملا، ومنا من تدب فيه الحيوية، ولكن بشكل أحادى الاتجاه نحو اكتشاف الجديد فى الفلك والأبراج.
وكأن ما يقوله الفلك سوف يسير بنا فى سفينة إنقاذ عكس اتجاه تيار الإحباط والمؤامرات واختناق الزحام وكراهية العمل والعلم وسطوة الفساد ونبحث فى الفلك والأبراج عن حالنا وأحوال الوطن والعالم ونحن نعيش على أرض الواقع مع المعنى الحقيقى لمسميات الأبراج، «فسرطان» الاهمال يفتك بنا ويدمر خلايا المناعة ويفترسنا كالثور الهائج الهادر، وجذور الإرهاب وأشجاره وثماره تنطلق «كالحمل» النارى، أما «الحق» فأصبح جوزاء له ألف وجه البشر والعالم لم يعد له «ميزان» ولم تعد النوايا «عذراء» وسهام «قوس» الجهل نتلقاها من كل اتجاه فى العلم والدين والثقافة والاقتصاد. وأما المؤتمرات الخارجية والداخلية فهى «كالعقرب» يلدغ فى كل لحظة وينتعش ويتألق ويبقى الفساد هو «الأسد» فى غابة الوطن، وهو ما يجعل أحلامنا تدفن مع الموت فى عمق بحر بلا بر وأما البرج الجديد «الخنزيرة» فهو ينطبق على كل أجهزة المخابرات العالمية التى تلهو بنا وبالعالم من أجل مصالح اقتصادية ومن أجل العزيزة إسرائيل.
وإذا كان الفلك يؤكد أننا نقع تحت تأثير كوكب زحل، فالواقع يؤكد أننا نقع تحت تأثير مضاف إليه برج الكذب مع سبق الإصرار والاستمرار، ومشاكل الفقر والبطالة والتعليم «اللى زى عدمه» والنيران الخارجية تجعل أحلام ايامنا تعيش فى منطقة الخسوف، ولا نمتلك تنويرا نقاوم به، فالثقافة المستنيرة ناتجها عقول نابضة متجددة متطورة محلقة ونفوس صافية متحققة متوقدة، ومن أين يأتى التحقق ونحن نقاوم بعزيمة جبارة هذه الثقافة ونستسلم ونعمل على استمرار الحياة طائفية وطبقية والفكر والروح جاهلية.
أما الخريطة المزاجية التى تسيطر علينا فلم أجد أفضل من تصنيف حنان مفيد فوزى فى كتابها «عمل فى السما»، حيث قسمتها إلى المزاج الصفراوى والدموى والعصبى والليمفاوى وهو يعنى الخمول وفتور الهمة أننا حقا أصبحنا كوكتيل كامل الدسم فى كل الفيروسات القاتلة والمدمرة التى تشخص الواقع وكأنها التعريف لهذا الوطن.
والواقع بهذه المعطيات يقول إن هناك خريطة أبراج جديدة ننتمى إليها أو إلى أغلبها ولكننا ننكر أننا مواليد هذه الأبراج، فالبعض مواليد برج «اليأس» والبعض مواليد برج الفساد، حيث أفخر تشكيلة فريدة علمية ومعملية فذة.
أما من ينتمون لبرج الجهل فهم يجاهدون فيه باعتباره المجد الذى نباهى به الأمم.
وبالتالى فهو أنجح مشروع قومى لأننا نكد ونكافح ونجتهد فى التأخر ونعيب الجهل والجهل فينا. وهناك من ينتمى لبرج الأقزام، حيث يمتلك مواليده مواهب ومؤهلات النفاق والبلطجة والوسوسة والشر للشر، وصاحب هذا البرج يقدم نفسه ويسوقها وكأنه الاختراع الأهم بعد الكهرباء، والمصيبة أن هذا القزم يصبح فجأة عملاقا وشخصية عامة رغم أنه «نص لبة»، وأحيانا «تمن» أو أقل.
وهناك مواليد برج الحظ وهو برج يبتسم للبهلوانات من مواليد برج الأقزام، حيث الاجتهاد فى المزايدة والنفاق والكذب والإدعاء، ونحن فى أشد الحاجة لمواليد من برج الفضلية والعلم.
وبرج الكبار الذى يترفع عن الكبائر والصغائر نحن فى احتياج للعمل والدقة والاجتهاد ليتعافى الحلم ويتراجع اليأس ويقفز الأمل ليكون للميلاد عيون جديدة وأفكار إيجابية وإبداع مستمر ليكون العام الجديد جديدا فعلا وليس فقط مجرد رقم إضافى.
عدد الردود 0
بواسطة:
الكاتب احمد المالح
برج الاحزان