يقينًا يعلم الجميع أن سجون مصر تضج من كثرة المساجين، بالطبع السبب ليس فى أعضاء الجماعة الإرهابية الذين يسعون لإعادة إنتاج لعبة المظلومية من جديد، ويدعون أنهم داخل السجون بعشرات الآلاف، ويزيدون من الكذب بادعاء أنهم معتقلون أو يتلاعبون بالألفاظ بخبث كما يفعل دهقينهم فهمى هويدى ويطلق رقمًا مفبركًا عن وجود 60 ألف محتجز من أعضاء الجماعة الإرهابية داخل السجون، فالمؤكد أنه لا يوجد فى مصر الآن معتقل واحد أو محتجز إلا بقرار من النيابة أو حكم قضائي، والكلام على عهدة مسئولين فى السجون، ويؤكده أعضاء بالمجلس القومى لحقوق الإنسان.
السبب الحقيقى فى تكدس السجون الذى تشير بعض المصادر إلى أنه يقارب ضعف الاستيعاب الحقيقى لها، هم المعاقبون جنائيًا، فاليقظة الأمنية خلال العامين الماضين والإصرار على مواجهة الجريمة بكل أنواعها ترتب عليه تزايد أعداد المساجين والمحبوسين، بعض الأرقام تقول إن استيعاب كل السجون المصرية فى حدود السبعين ألفًا بينما يزيد عدد المساجين والمحبوسين عن هذا الرقم بكثير، ولكن أيًا كان الرقم فهذا التكدس عبء فرضته الظروف الأمنية ومواجهة الجريمة حفاظًا على أمن المواطن، واللافت فيه أن النسبة الغالبة من نزلاء السجون هم أصحاب العقوبات البسيطة التى لا تزيد على ستة أشهر، وهذا هو ما يتطلب وقفة ونظرة مختلفة من النيابة العامة، فقانونا الإجراءات الجنائية والعقوبات فيهما مواد واضحة تعطى النيابة العامة الحق فى تخفيف العبء عن السجون، من خلال الموافقة على تنفيذ العقوبات التى تقل عن ستة أشهر خارج السجن، وكل المطلوب فى هذه الحالة من النيابة العامة حسب القانون الذى يعرفه تقريبًا كل ضباط ومسئولى مصلحة السجون وكل القضاة أيضًا هو الموافقة على اعتماد محاضر ترغيب المحكوم عليهم بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر فى تنفيذ عقوبة الحبس أو تشغيله خارج السجن، فالأمر إذن بيد النيابة العامة، ولو طبقت هذه المواد، واستخدمت سلطتها التقديرية، وهى حرة تمامًا فى ذلك، لاستطاعت تخفيض نسبة نزلاء السجون إلى رقم كبير ربما لا يقل عن الثلث، وفرص التشغيل للمحبوسين متاحة وسهلة، السائق يستطيع أن يعمل لخدمة القسم، والصنايعى والمهنى يستطيع أن يفيد بالعمل أكثر من الحبس، حتى المواطن العادى يمكن أن يعمل فى أى مهنة خارج السجن طالما أنها ستكون آدمية وتناسب قدراته وتحميه من الزنزانة.
ليس هذا فحسب وإنما تفعيل النيابة العامة لهذه المادة سيحمى أشخاصًا كثر قد تكون أوقعتهم الصدفة فى ارتكاب جرائم ومواجهة عقوبة الحبس من أن يختلطوا داخل السجون بمحترفى الإجرام والبلطجية والحرامية.
القضية مهمة وليست صعبة، فقط تحتاج قرار من رجال النيابة العامة، أو توجيه من النائب العام المحترم بتفعيل هذه المواد المعطلة لتضيف تسهيلاً جديدًا على المواطنين يسهم فى التطوير الذى طال السجون فى السنوات الأخيرة ويلمسه الجميع. وإذا كان الرئيس حريصًا على عقد لجان مراجعة دورية فى السجون لانتهاز أى فرصة والإفراج عن كل مستحق، فمن باب أولى أن تفعل النيابة العامة مواد القانون التى تعطيها حقا خالصا فى تقدير شكل العقوبة للمحبوسين الأقل خطرًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة