مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت 25 يناير زلزالًا مدويًا، وتلك حقيقة لا يختلف حولها المؤيدون والمعارضون.. دكت نظامًا استمر 30 عامًا وضربت رجاله الذين تبوأوا السلطة، فذهبوا مباشرةً من القصور إلى طرة، وفتحت شهية الملايين للخروج والمطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، وبناء دولة ديمقراطية حديثة، شعارها التداول السلمى للسلطة، وليس التأييد أو التوريث، ولم يكن فى استطاعة النظام أن يوقف الأمواج الهادرة التى جعلته مثل بيت رمال هش على شاطئ غاضب، فاستجاب مكرها للزحف الكبير، ولكن بعد فوات الآوان، لأن الرئيس مبارك « لو» ترك الحكم قبلها بخمس سنوات أو حتى سنتين، لتحول إلى صورة رائعة يتباهى المصريون بتعليقها على جدران بيوتهم "لو" تفتح عمل الشيطان. ولم يترك مبارك الحكم طواعية وحدث ما حدث، ووقف الجيش فى صف الشعب، واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا هو إنقاذ البلاد من المصير المؤلم الذى آلت إليه الدول المجاورة لنا، و«لأن المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين »، كُتب على مصر أن تتجرع كأس الإخوان المسلمين، الذين خُيل لهم أن بوسعهم اختطاف الثورة وأخونتها وتحويل مصر إلى إمارة بعد طمس هويتها وحضارتها وتاريخها وتسامحها، ولم يفهموا أن 25 يناير اندلعت من أجل العودة إلى المستقبل وليس الرجوع إلى الماضى. خُيل لهم أنهم جلسوا وتربعوا، مرددين الأية الكريمة: « قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء »، ومستشهدين بها على انهيار مبارك، دون أن يدركوا أن أحكامها سوف تنطبق عليهم، لمرض فى عقولهم ناتج عن تصورهم بأنهم يملكون الإسلام حصريًا، ويوظفون أحكامه السمحاء لأهدافهم ومقاصدهم غير النبيلة، وتصور رئيسهم المهزوز أنه الحاكم بأمر الله، فوق الشعب والدستور والقانون، وتوهم قادتهم بأنهم يمتلكون مفاتيح أنهار العسل، وانطلقوا كالغربان الجائعة ينهشون جسد الوطن سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وكأنها وليمة كبرى يجب الانتهاء من التهامها بأقصى سرعة، وركبهم الغرور والجنون والطغيان والرغبات الجامحة فى الاستئثار والإقصاء.
وضعوا الشعب أمام خيارين: إما مصر أو الإخوان، ولم يفهموا أن 25 يناير جاءت من أجل الأفضل وليس الأسوأ، وأن الملايين الذين خرجوا بأعلام مصر، لن يقبلوا أعلاما سوداء، وبثوا فى الأعماق طوفانًا من الخوف والذعر، بأن هذا البلد يمضى بسرعة القطار إلى هاوية، فمزقوا الثورة وفتتوا نسيج الأمة، وأشعلوا الفتن الطائفية، وابتكروا فتنًا جديدة بين المسلمين والمسلم والسنة والشيعة، ورفعوا شعار « قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار »، واستباحوا الدماء والأرواح، وفرطوا فى التراب الوطنى، وكان رئيسهم المعزول يوزع قطعًا من أراضى الوطن على أهله وعشيرته فى الدول الأخرى المحاورة، ولم يفهموا أن مصر لم يغمض لها جفن حين كانت سيناء تحت الاحتلال، وأن جيشها الذى يروى كل شبرٍ بأرواح ودماء شبابه الأطهار، لن يقبل أبدًا بالمساس بالتراب الوطنى المقدس .
لم يخطر ببال الملايين التى خرجت فى 25 يناير أنهم يسلمون وطنهم لعصابة من الأشرار، فقد خرجوا من أجل الحرية وليس الديكتاتورية، ومن أجل الكرامة وليس الاستعباد، ومن أجل مصر وليس الإخوان.. لم يخطر ببالهم أن تاج الشرق الذهبى على رأس مصر لن يتحول إلى عمامة رثة، وأن الاستنارة لن تصبح ظلامية، وأن البلاد لن تعود لعصور السياف والجلاد، ووصلت الوجيعة قمتها عندما جلس قاتل السادات فى الصف الأول محتفلاً بانتصار أكتوبر، وسط القتلة والمجرمين والإرهابيين، بينما اختفى من المشهد الأبطال الحقيقيين الذين صنعوا النصر.. جاء الإخوان لسرقة وطن.. فأطاح بهم الزلزال.
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة