حقيقة الأمر أننا نعيش فى مجتمع بلا ضابط ولا رابط، وكل قيمنا الجميلة نسخر منها، ونتهكم عليها، ونعتبر أن من يتمسك بمبادئه مجرد «دقة قديمة»، كانت السينما سباقة فى هذا الأمر، روجت للانفلات القيميى، تحت شعار تعرية الواقع، ولكنها، وهى تعرى، لم تستر عورة المجتمع، ويوما وراء يوم بدأ المجتمع، يفقد قطعة من ملابسه، والآن نحن فى سبيلنا إلى فقدان ورقة التوت، ودخل المسرح، قبل أن تنطفئ أنواره، على الخط، وكانت الإسقاطات الجنسية، والشتائم هى تصنع النجم.
انحسر كل هذا ودخلت على الخط الإعلانات الجديدة التى تخترق ثوابت المجتمع وقيمه، وتتطاول على كل معنى جميل، ولم يعد للبراءة معنى، ولا الطفولة ذات قيمة ولا يجب حمايتها، وكيف يحدث ذلك أمام طوفان الإعلانات التى بدأت بالهمز واللمز ثم بالتصريح، ماذا يمكن أن تجيب على طفلك وهو يسألك يعنى إيه «صحى الدكر؟ ودكر ايه اللى يصحى؟ ويصحى علشان يعمل إيه؟ ناهيك عن إعلانات المنشطات الجنسية التى تناديك بأن تكون سبعا فى بيتك لأطول فترة ممكنة».
كل هذا كوم وإعلانات إحدى شركات الشيبسى التى تحض الناس على عدم العمل والبلطجة، وأن كل شاب «يكبر» و«ينفض» لحماته الزنانة التى تستحثه على أن يترك اللعب، ويتابع عمله، أو زوجته التى تتولى وحدها دروس العيال، وذلك بأن يشترى من الشبسى المصنوع للرجالة فقط، طبعا على اعتبار أن الرجولة هى أنك «تسك» حماتك و«تنفض» لمراتك. حرية الإبداع على عينى وراسى، وللأسف الشديد هذه الإعلانات فيها إبداع ضل طريقه، لأنه يحمل رسالة هدامة، تماما مثل الفنانة التى تتعرى من أجل عشاقها، رغم أنها بفنها فقط، ربما تجذب أضعاف عشاقها الذين يلفتهم جسدها، ولكن الإعلام والإعلان بلا بوصلة أشبه برصاصة تنطلق من فوهة المسدس لتستقر فى عقل فتقتله، وكم من الإعلانات تقتل وتصيب كل يوم عقول أبنائنا الذين يتربون على هذه الإعلانات.
لا أدعو إلى فرض رقابة، ولكن أى شىء فى الدنيا بلا ضوابط، فهو الفوضى بعينها، ونحن نعيش فى مجتمع له قيمه التى يجب احترامها، والواضح أننا نعيش فى واقع بلا ضوابط ولا قيم، والذى لديه غير ما أقول فليظهره لى. الرجولة لن تكون بإعلانات ندعوا فيها إلى إيقاظ «الدكر» النايم، بل بإعلانات تدعو إلى عودة زمن الرجولة القائم على الاحترام، وصون المجتمع.. الرجولة «مش قلة أدب، الرجولة احترام ومسؤولية.. ولا إيه؟».
علاء عبد الهادى
الرجولة «مش قلة أدب» ولكن احترام ومسؤولية.. ولا إيه؟
الثلاثاء، 20 يناير 2015 10:22 م
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة