ناصر عراق

الأبنودى.. الشاعر الفصيح!

الجمعة، 11 أبريل 2014 05:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أعرف لماذا كلما قرأت شعرًا للأبنودى أو رأيت صورته فى صحيفة أو شاهدته فى قناة فضائية أو التقيته وجهًا لوجه.. لا أعرف لماذا أتذكر فورًا الفلاح المصرى القديم «خن – أنوب» - الأسرة التاسعة تقريبًا - الذى لم يخش بطش الحاكم وراح يتلو عليه شكواه من الظلم الذى يتعرض له متكئا فى ذلك على بلاغة فطرية أعجبت الفرعون الذى أمر بإنصافه.
مثله مثل الفلاح المصرى الفصيح يعد الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى نموذجًا نادرًا فى تاريخنا الشعرى كله، فهو ابن الصعيد الجوانى الذى تسرى فى شرايينه ثقافة عريقة ممتدة عميقا فى التاريخ، وهو مزوّد بمعارف جمة اكتسبها من الحياة والناس والقراءة، وإنتاجه المتنوع والغزير خير دليل على فرادة هذا الرجل.
قبل يومين احتفل المصريون بكتابه الجديد «المربعات» الذى كتب له مقدمة بليغة وآسرة الأستاذ محمد حسنين هيكل، وأقيم الاحتفال فى جريدة الأهرام بحضور كوكبة لامعة من مبدعينا الكبار، وقد كنت أود المشاركة من البداية لكن الزحام الشديد حرمنى من التواجد فى الوقت المناسب، وبالكاد لمست نهايات الاحتفال وذوبانه فى أروقة الأهرام.
بالنسبة لى منحنى الأبنودى نعمة التعرف إلى فضائل عديدة، وأولها اكتشاف خبايا الصعيد، وما أكثرها، والتعامل مع اللهجة الصعيدية بمحبة وافتتان، وأذكر جيدًا كيف حفظنا عن ظهر قلب فى مطلع الثمانينيات ديوانه المذهل «جواب حراجى القط» الذى كان بمثابة شهادة إبداعية غير رسمية عن كيفية بناء السد العالى.
فى هذا الديوان الفذ اصطحبنا الخال الأبنودى إلى غابات بكر فى عالم الشعر، لم يكن قد ارتادها من سبقوه لا فؤاد حداد – برغم عبقريته – ولا صلاح جاهين – برغم تألقه. إنها غابات الصعايدة بكل ما تحتويه من بيوت طين وأشجار معمرة ونخيل سامق وحقول ممتدة وورود جميلة وطيور هائمة وحيوانات أليفة.. غابات النفس البشرية لامرأة صعيدية فقيرة أجبرت الظروف البائسة زوجها إلى تركها والذهاب إلى العمل فى إنشاء السد العالى، فانبثقت فكرة الرسائل بين الزوجين لتتخلق دراما شعرية بالغة العذوبة والفرادة.. دراما توجع القلب.. وترقق الأحاسيس.. دراما تفضح الظلم.. وتنتصر للعدل.. دراما تلعن الفقر.. وتنحاز للخير.. دراما تكشف سحر اللهجة الصعيدة وعبقرية شاعر مكين.
أنت تعرف بطبيعة الحال أنه من المحال القبض على التجربة العريضة لعم عبدالرحمن فى مقال صغير، فالمساحة التى يحتلها صاحب «الأرض والعيال» فى عالم الإبداع ضخمة متنوعة، فقد وضع بصمته بقوة فى دنيا السينما وعالم الموسيقى والغناء، ومن ينسى حواره المذهل لفيلم «شىء من الخوف»، أو أغنياته لمحمد رشدى وعبدالحليم وشادية وغيرهم «تفتننى كثيرًا أغنيته مسير الشمس لنجاة».
لذا أرجو المعذرة، وما أردت بهذا المقال التحية إلا أن أهمس فى أذن الشاعر الفصيح قائلا: «دمت مشمولا بالصحة والسعادة والحبور، بقدر ما أسعدت الملايين».
ويا خال عبدالرحمن رعى الله أيامك ولياليك.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

الابنودى ابن النيل الاصيل وضمير أمه وهرم مصرى رابع نحترمه ونفتخر به

بدون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة