د.عمرو هاشم ربيع
الدعوات التى تتبناها حركة تمرد وحركة 6 إبريل الجبهة الديمقراطية لإسقاط الرئيس مرسى، والمتضمنة الدعوة لإجراء انتخابات رئاسية جديدة، عبر جمع توقيعات، دعوات غريبة من حيث الشكل والمضمون.
فالدستور المصرى تنظم مواده كيفية إسقاط الرئيس، وكيفية إجراء انتخابات رئاسية جديدة.. ومن ثم فإن حملة إسقاط الرئيس من خلال جمع توقيعات هى أمر غريب، ويعتقد أنه لا فائدة منها سوى أنها مضيعة للوقت والجهد، الذى كان يمكن أن يستغل لتحقيق مآرب وأغراض أكثر فائدة.
بالطبع من الصعب أن يزايد أحد على العبد لله فى أنه غير راض البتة عن حكم الإخوان، وأن هذا الحكم لم يجلب إلا الخيبة والمهانة للمصريين. خذ على سبيل المثال المقارنات الرقمية والإحصائية لأوضاع الاقتصاد المصرى والمؤشرات الاجتماعية بين حقبتى مبارك ومرسى، لتجد أنه باستثناء القضاء على التوريث السياسى، والفساد الكبير، لم تنجح الثورة فى فعل شىء. وحتى بالنسبة للتوريث السياسى فالحمد للثوار وليس لحكم الإخوان.. أقول إنه رغم كل ذلك النقد لحكم الإخوان فإن هناك أسبابا كثيرة تجعل المرء يستغرب دعوات إسقاط الرئيس عبر حملة توقيعات خائبة.
بداية فإن تلك الدعوات تتباين كلية مع الدستور.. فالمادة 133 تقول "ينتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالى لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة...." والمادة 134 توضح شروط الشخص، الذى يبغى الترشح لمنصب الرئاسة، والمادة 135 تضع الشروط لقبول هذا الترشح، والمادة 135 تقول "ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام السرى المباشر....". والمادة 151 تقول" إذا قدم رئيس الجمهورية استقالته، وجه كتاب الاستقالة إلى مجلس النواب".. والمادة 152 تتحدث عن اتهام ومحاكمة الرئيس عند اتهامه بجناية أو بالخيانة العظمى.. والمادة 153 تتحدث عن الموقف فى حالة وجود مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية لسلطاته، كما تتحدث عن خلو منصب رئيس الجمهورية بالاستقالة أو الوفاة أو العجز الدائم أو لأى سبب آخر.. أما المادة 127 فتقول بوجوب استقالة الرئيس إذا خسر الاستفتاء الشعبى، الذى يدعو له لحل مجلس النواب.
أما من الناحية السياسية، فإن الرئيس مرسى انتخب بعدد 13230131 صوتًا، متغلبًا على منافسه أحمد شفيق الذى نال 12347380 صوتًا فى جولة الإعادة، ومن ثم فإن الحديث عن جمع مليون توقيع أو أكثر هو مضيعة للوقت من أناس يبدو أنهم يعانون من البطالة، ومن ثم فإن استغلال هذا الجهد فيما يفيد الوطن هو أفضل كثيرًا من هذا التهريج.
وعلى أرض الواقع، فإن العمل الدؤوب فى الشارع هو الكفيل بانهيار حكم الإخوان.. هنا يستحضر أمام الجميع الجهد الكبير، الذى قامت به الجماعة خلال حقبة مبارك، بغرض استقطاب الشارع عبر العمل الاجتماعى التكافلى، فمن خلال ذلك استطاع الإخوان أن يجذبوا مئات الآلاف من المؤيدين، كانوا هم الرديف والمحصلة والذخيرة، التى تسلحوا بها فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة.. هنا يحضرنا على سبيل المثال حملات التوقيعات لرفض حكم مبارك، والتى قادتها كفاية والجمعية الوطنية للتغيير قبل انهيار هذا الحكم، والتى أتحدى أن يكون إخوانى واحد وقع عليها.. والسبب أن هؤلاء يعرفون جيدًا من أين تؤكل الكتف.
خلاصة القول، إن الملعب واسع أمام "تمرد" وأمام 6 إبريل وغيرها من الأحزاب والقوى السياسية المدنية للعب دور اجتماعى، عوضًا عن هذه الحملة، التى يديرونها، أو دعوتهم هم والبعض لنزول الجيش، وهى دعوة تدل هى الأخرى لفشل المعارضة بشكل مدو، فى سبيلهم للخلاص من حكم الإخوان، الذين يعتبروا بحق "أكبر مقلب شربته مصر" منذ تأسيسها حديثًا على يد محمد على باشا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة