الأزمة التى أثارتها ما يسمى بجمعة "تطهير القضاء"، والناتجة عن تحية الرئيس مبارك لمناصريه داخل الزنزانة، ثم الحكم بإخراجه من محبسه بعد انتهاء عامين من الحبس الاحتياطى، هذه المشكلة يبدو أنها لن تهدأ قريبًا.. هنا ولمزيد من الإيضاح يجب التعريف بأطراف الأزمة وموضوعها واستشراف نتاجها.. طرفا الأزمة هما:
الطرف الأول: جماعة الإخوان المسلمين، والرئاسة، وحزب الحرية والعدالة، والوسط المتأخون، وبعض التيارات الإسلامية المنتمية لأجنحة سلفية، وحازمون، والجماعة الإسلامية، وغالبية أعضاء مجلس الشورى.
الطرف الثانى: السلطة القضائية بكل مشتملاتها، بما فيها تيار الاستقلال المتأخون، والذى فضل هذه المرة انتماءه المهنى على السياسى، وجبهة الإنقاذ، وفلول النظام البائد، وبعض نواب مجلس الشورى.
الموضوع: هو الرغبة فى أخونة القضاء، ليس فقط من خلال إدخال عناصر الإخوان فى سلك القضاء، بل والأهم غرس ثلة من القضاة المتأخونين فى السلطة القضائية (تيار الاستقلال وغيرهم).. أما الغاية من هذا الأمر فهو أمران.. الأول، الانتقام من السلطة القضائية لما صدر منها فى السابق من أحكام، منعت تمكين الإخوان من مفاصل الدولة، وعلى رأس هذا الأمر الحكمان الشهيران بمجلس الشعب، الأول فى منتصف يونيه 2012، بقبول الطعن بعدم دستورية قانون الانتخاب، ومن ثم حل المجلس، والثانى تأكيد عدم دستورية دعوة الرئيس لمجلس الشعب فى 11 يوليو2012، باستئناف مجلس الشعب لنشاطه لحين انتخاب مجلس شعب جديد.. هذان الحكمان حسمًا عدم تمكين الإخوان من أهم سلطة ينتظرونها بعد السلطة التنفيذية.
أما الغاية الثانية، فهى تطويع القضاء فى المرحلة المقبلة كى يكون رأس حربة فى دفاعه عن بقاء حكم الإخوان أو على الأقل رأس حربه فى عدم تمكين الخصم، الذى سيهيمن على السلطة فى أية انتخابات قادمة من محاسبة الإخوان على الجرائم، التى ارتكبوها هم ومناصروهم بحق الشعب أمام القضاء خلال سنوات حكمهم.
كل ما سبق من موضوع يرتبط أشد الارتباط بأمر مهم وهو أن تكون المعركة الحالية مع القضاء بروفة لما يمكن أن يكون عليه أية معركة فى المستقبل القريب مع أجهزة أخرى كالإعلام أو الجيش أو الشرطة أو الأزهر.
والآن كيف ستكون نتيجة كل ما سبق، الأرجح حتى لو نجح الإخوان فى معركتهم مع القضاء، أن يكونوا هم الخاسر الوحيد من الناحية السياسية.
إذ إنهم بدلا من أن يهتموا بالاقتصاد المتدهور، وحال الفساد الذى أوصل مصر على سلم الشفافية الدولية من مرتبة الدولة 98 فى نهاية حكم مبارك عام 2010 إلى مرتبة 128، إذ بهم يفتحون المعارك السياسية تلو الأخرى، وعندما ينظرون إلى الاقتصاد ينظرون إليه بعين المقترض، حتى أصبحنا نثقل الأجيال القادمة بأعباء تنوء الجبال على حملها.
الله دائما ما يسلط على الإخوان غباءهم حتى يفقدوا رصيدهم فى الشارع هذا اليوم أكثر من اليوم، الذى يسبقه.. يفتحون النار على الجميع، الجيش والإعلام والقضاة والسلفيين، أجبروا غالبية القوى السياسية أن تتعاون ضدهم مع أى طرف، حتى مع الفلول.. ليتهم تركوا حبيبا واحدا لهم!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة