قد تكون مثلى من هؤلاء الناس الذين ينفرون من الأرقام والحسابات والمعادلات، لكنك بالطبع إذا ما قررت أن تدبر بعض الأموال لشراء شقة أو سيارة أو أى من احتياجات البيت فمن المؤكد أنك ستتخلى عن نفورك هذا وستمسك بالورقة والقلم لتحسب ما لديك وما تحتاجه لتستطيع شراء ما تحتاجه، وكل ما أرجوه أن تقرأ هذا المقال وتطالع ما به من أرقام تقريبية وكأنها تخصك أنت، لأنها بالفعل تخصك أنت.
دون مقدمات سأحاول أن أضعك فى أزمة ما تنفقه مصر كل عام من مليارات ضائعة فى مشكلة واحدة من مشاكلها المزمنة، ألا وهى مشكلة الزحام المرورى، وقبل أن أبدأ فى سرد هذه المهزلة أؤكد أن كل الأرقام التى ستطالعها ما هى إلا اجتهاد شخصى بحسابات تقريبية، حاولت فيها أن أكون دقيقا قدر المستطاع، وسأبدأ معك «خطوة خطوة» لكى نصل إلى النتيجة التى تسر العدو ولا تسر الحبيب، فمعلوم أن مصر تنفق ما يقرب من 21 مليارا سنويا على دعم وقود السيارات، لكن لأن حكومة الإخوان مثلها حكومات مبارك تستسهل أن تستولى على أموال الناس أو أن تحرمهم من الدعم الذى يستحقونه؛ قررت أن ترفع جزءا من هذا الدعم «حوالى 8 مليارات» ليتحمله الشعب وحده، فحرمان الناس من الدعم عندهم أسهل كثيرا من تبنى خطة لتقليل الفاقد من الوقود أو البحث عن موارد أخرى لسد عجز الموازنة.
ولأن المشكلة أعقد من أن نلقيها هكذا سأحاول أن أصل معك إلى رقم تقريبى لما تفقده سيارات مصر من وقود فى الزحام المرورى، فمحرك السيارة يستهلك فى كل 10 دقائق وقوف ما يستهلكه فى قطع مسافة 6 أميال، أى ما يقرب من 10 كيلو مترات، ما يعنى أن كل ساعة تعطل فى المرور تفقدك ما يكفى لتقطع 60 كيلو مترا، ولو قلنا إن متوسط استهلاك السيارة الجديدة للوقود حوالى 7 لتر بنزين لكل 100 كيلو فإن هذا المعدل سيهبط إلى ما يقرب النصف إذا ما وضعنا فى الحساب أعمار السيارات المتهالكة فى مصر، أى أن الخلاصة أننا نفقد ما يقرب من 6 لتر بنزين فى كل ساعة زحام مرورى.
أنت تذهب إلى محطة البنزين لتشترى هذه الـ«6 لتر» بما يقرب من 11جنيها، لكنك ربما لا تعرف أن الدولة تدعم هذه اللترات بحوالى 17 جنيها، وذلك وفقا لبيانات الحكومة التى تقول إنها تدعم كل لتر بنزين 90 أو 92 بما يقرب من 3 جنيهات، ولو قلنا إن بمصر ما يقرب من 6.5 مليون سيارة وفقا لآخر إحصاء، فإن هذا الرقم سيهبط إلى ما يقرب من 3 ملايين سيارة فى المحافظات الحضرية ذات الكثافة المرورية العالية، وبذلك يدفع أصحاب السيارات فى مصر فى كل ساعة زحام حوالى 33 مليون جنيه، وإذا أضفنا إلى هذا الرقم ما تدعمنا الحكومة به فسيكون إجمالى ما ندفعه فى كل ساعة زحام حوالى 84 مليون جنيه.
هذا الرقم المفزع «84 مليون جنيه» سيتضاعف ليصل إلى أكثر من 2.5 مليار فى الشهر، وفى السنة سيصبح 30 مليارا، و«بالبلدى» قل إن هذا الرقم سينخفض للنصف مرة واحدة إذا ما وضعنا فى حسباتنا أن هناك العديد من السيارات لا تستغل يوميا أو أن هناك سيارات لا تتعطل فى الزحام «ساعة كاملة» فإن المهدور من أموالنا سيصل إلى 15 مليارا، يتحمل جيبك الخاص منها ما يقرب من الثلث بينما تتحمل الحكومة الثلثين، وهو أكثر من الرقم الذى تنوى الحكومة أن تسحبه من الدعم السنوى لوقود السيارات، وقبل أن تتهمنى بأنى عرضت المشكلة ولم أقدم حلا أقول لك: انتظر إلى الغد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د/محمود خليل
إجتهاد مشكور