إن النظرة البانورامية للمشهد السياسى منذ استفتاء 19 مارس 2011 تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن جماعة الإخوان المسلمين كانت ومازالت تعمل بحسب المبدأ البراجماتى النفعى ولمصلحتها فقط بعيداً عن مصلحة الوطن ومصلحة المواطنين، فكانت ثورة يناير التى أطلقوا عليها (مظاهرة عيال فى البداية) هى المطية التى ركبوها تحت شعارات زائفة تتحدث عن الدولة المدنية ووعود كاذبة تقطع بعدم المغالبة بل المشاركة مع عدم الترشح لموقع الرئاسة فى الوقت الذى كانوا يدبرون فيه للقفز على الثورة واختطافها بهدف الوصول إلى السلطة وهى حلمهم الأكبر، وكانت كلمة السر هى "الانتخابات قبل الدستور" فكانت المادة 60 من الإعلان الدستورى فى 30 مارس 2011 والتى تعطى مجلس الشعب والشورى حق تشكيل الهيئة التأسيسية لوضع الدستور فكان الهدف هو الإسراع بالانتخابات والإصرار عليها، حيث كانوا يعلمون وفى ظل مناخ الفوضى اللاحق للثورة والتى لم تعطى الفرصة للفصائل السياسية لترتيب أوراقها سواء كانت أحزابا قديمة أو جديدة أو ائتلافات ثورية فى الوقت الذى يملكون فيه خريطة اجتماعية عن طريق توزيع المعونات. تلك الخريطة التى تتحول إلى خريطة انتخابية تحت شعارات الإسلام هو الحل وتوظيف الدين لصالح السياسة. ولذا فقد ضمنوا مجلس الشعب والشورى اللذين هيئا لهم الفرصة لاحتكار لجنة إعداد الدستور وكان لهم الشعب والشورى والدستور ورئاسة الجمهورية، وبهذا تغلق عليهم الدائرة السياسية وتكون مصر ومن عليها ملكاً لهم باسم ديمقراطية الشكل بعيداً عن الجانب القيمى للديمقراطية. فماذا حدث؟ تم حل مجلس الشعب لعدم دستورية قانونه الانتخابى، وبالتالى ومن الطبيعى أن يحل مجلس الشورى أيضا ولنفس السبب وبهذا تضيع منهم فرصة اللعب بورقة الأغلبية البرلمانية التى مازالوا يتشدقون بها بالرغم من حل مجلس الشعب الذى كان لهم فيه أقل من خمسين فى المائة، والأهم أنه قد تم إلغاء اللجنة الثانية وبهذا كان يضيع من بين أيديهم الدستور الخاص المعد حسب المقاس ويتبخر الحلم. ولذا كان الإعلان الدستورى الذى يهدف إلى الحفاظ على المصلحة الإخوانية لاختطاف الوطن، ولا علاقة له لا بالثورة (فما علاقتهم بالثورة) ولا الاستقرار، حيث نرى ما سببه الإعلان من استقطاب وانقسام ينذر بالتقاتل المجتمعى ولا بحق الشهداء وإعادة المحاكمات، حيث إنه لا ولن يكون هناك جديد يعيد المحاكمة التى مازالت أمام النقض بما لا يستدعى إنشاء محاكم خاصة تقوض استقلال السلطة القضائية، فالسبب الجوهرى هو الحفاظ على الشورى الذى فاز فى مسودة الدستور بحق التشريع فى غياب مجلس الشعب والحفاظ على لجنة إعداد الدستور مع فرصة التخلص من النائب العام فى إطار تصفية حسابات شخصية نتيجة للحبس والاعتقال الذى كان يتم باعتبار أنهم محظورون مع التخلص من المحكمة الدستورية التى أجهضت الحلم بالقانون (ولكن ما لهم والقانون) والدليل الأهم هو أن الإعلان الدستورى أعطى مهلة شهرين للجنة لإعداد الدستور، ولكن قد رأينا المستشار الغريانى رئيس الأركان الدستورية يرفض المهلة ويقوم بإصدار المسودة بطريقة تجمع بين الكوميدى والميلودرامى بين الضحك والبكاء بطريقة غير مسبوقة فى سلق الدساتير، فالهدف هو خطف الدستور الذى يؤسس لدولة الإخوان التى يهددون إلى استمراريتها إلى الأبد وبالحق الألهى، ولذا فلا غرابة أن يكون الدستور مفصلا على المقاس خاصة مواد عزل قيادات الوطنى ليخلو الجو لهم فى الانتخابات حتى لا تتكرر الأثنى عشر مليون لأى شفيق آخر، وهو رقم لم يحصل عليه مرسى بكل الحسابات، ومادة التخلص من النائب العام والمحكمة الدستورية التى ستحاكم الرئيس. وغير ذلك كثير، فهل بعد ذلك لا يرفض الشعب هذه المهازل ولا يدافع عن مصر حتى تظل ملكا لكل المصريين وحتى يكون الدستور دستورا لكل المصريين وليس للإخوان فقط؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة