يضيع القائمون على الحكم الوقت المرة تلو الأخرى بتصور أن بإمكانهم تحقيق نمو اقتصادى دون تحقيق وفاق بين الأحزاب والقوى السياسية. بعبارة أخرى، يضع الحكام الجدد لهذا البلد رؤوسهم فى الرمال إذ ما تخيلوا أن من الممكن إصلاح الأوضاع الاقتصادية الرثة بمجرد اتخاذ إجراءات اقتصادية بحتة.
المؤشرات التى أعلنها الرئيس محمد مرسى فى خطابه أمام مجلس الشورى السبت الماضى، وما تلاها من بيان لرئيس الوزراء كلها تعد محل شك، مثلها مثل البيانات والإحصاءات التى أتى بها الرئيس عقب الـ 100 يوم الأولى لحكمه، كى يبرهن من خلالها على تحسن ملحوظ فى أزمة المرور وجمع القمامة والوقود والأمن والخبز. الأرقام التى ذكرها الرئيس فى خطابه الأخير دحضها اقتصاديون كثر، يكفى أنه لم تمر ساعات عليها، إلا وأخرج الدولار لسانه للرئيس وقفز من 620 قرشا إلى 645 قرشا للدولار الواحد، بعدما قفز الشهرين الماضيين من 603 قروش إلى 620 قرشا للدولار الواحد.
مساحة الرقعة الزراعية ودخل قناة السويس وغيرها وغيرها من الأرقام التى أتى بها الرئيس والتى لا معنى لها فى ظل غياب خطابه عن 6 مؤشرات رئيسة تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الاقتصاد المصرى أمامه أشواط كثيرة من الإصلاح حتى يتعافى. مؤشر حكم عجز الموازنة، تقدير العجز فى ميزان المدفوعات، معدل النمو، متوسط الدخل الفردى، القدرة على تقديم الخدمات، معدل البطالة.
الشىء المؤكد الذى يغفله الحكم أنه لا إصلاح دون وفاق سياسى. الوفاق السياسى هو الذى يجلب الاستقرار فى الأسواق، ويحد من المطالب الفئوية والاجتماعية إلى أقصى درجة ممكنة، ويحقق الرضاء العام، ويجذب الاستثمارات الأجنبية والعربية، وبالتالى تقل نسبة البطالة ويزيد مستوى التشغيل. بالوفاق السياسى تستطيع المعارضة أن تقنع الشارع هى والحكم بجدوى إجراءات التقشف.وعلى العكس بدون وفاق يمكن للمعارضة أن تقلب الشارع على الحكم من خلال إبراز النتائج والوطئة الشديدة التى تسببها الإجراءات الاقتصادية للحكم على كاهل الطبقتين الفقيرة والمتوسطة.
وعلى العكس من هذا كله يسبب الاعتماد على الخارج زيادة الأعباء الاقتصادية. فالخطابات السابقة لا يخفى على أحد أنها كانت موجهه بشكل أساسى للخارج، بغية الحد من تكلفة المساعدات والقروض الأجنبية. علاوة على تلك الخطابات التى تخطب ود الخارج، كان هناك خطاب أخر يسعى لتحقيق وفاق مع الخارج بدلا من تحقيق وفاق مع بنى الوطن، المقصود هنا دعوة اليهود المصريين للقدوم لمصر، مع العلم أن هؤلاء صهاينة من الرأس إلى القدم، وأن كثيرا منهم ماتوا، ومع العلم أن كل واحد من هؤلاء لو أتى جدلا سيصبح مشروع جاسوس بامتياز لصالح الكيان الصهيونى، نخطب ود اليهود المصريين من أجل الأمريكان ويحرم البعض منا الأخوة الأقباط شركاء الوطن من كلمة "كل عام وأنتم بخير" ونترك بعضهم يرحلون باستثماراتهم للخارج بعد تخويفهم من قبل بعض التيارات السلفية!!!.
غاية القول، إن الطريق واضح المعالم، لكن البعض يتعامى عن قصد أو جهل بعدم قراءة التاريخ، لمن تجاهل شعبه، وكان نصب عينيه للخارج فقط. أن أكثر ما يخشى أن يعى الإخوة فى الحكم تلك الحقائق بعد فوات الأوان، عندئذ ستكون ثورة الجياع التى لا تبقى تيارا حاكما أو تيارا معارضا. هنا سيكون لسان حال الحكم كلسان فرعون إذا قال "أمنت أنه لا إله إلا الذى أمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين" فيرد عليه المولى عز وجل "الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين". وأى فساد فى الأرض بعد إحداث الفتن والاقتتال بين أبناء الوطن الواحد.
وعلى الله قصد السبيل
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة