د.عمرو هاشم ربيع

إلى أين يأخذنا السلفيون؟

الأحد، 18 نوفمبر 2012 08:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التيار السلفى المسيس أحد أهم ما أفرزته ثورة 25 يناير، كان هؤلاء يرفضون البتة التدخل فى العمل السياسى، حتى جماعة الإخوان المسلمين بذلت جهدًا كبيرًا فى الثمانينات والتسعينات من القرن الماضى كى تقنع هؤلاء بالذهاب لصناديق الانتخاب أولا، ثم لكى ينتخبوها ثانيًا. انغمس هؤلاء فى العمليات الدعوية، وبعضهم انغمس مع السلطة فى مشاريع عمالة حقيقية لنظام مبارك، ونبذوا العمل بالسياسة ولو من قبيل المشاركة بالاقتراع.

ظهر هؤلاء كما ظهر غيرهم، وركبوا موجة الثورة مع انطلاقها بعد جمعة الغضب، وبعد النجاح المبهر الذى حققه الشباب أثناء وعقب يوم 28 يناير 2011.

حتى الآن لا توجد مشكلة، وهناك استعداد لاستيعاب الثورة لكل التيارات والقوى السياسية. أما وأن يتخذ هؤلاء من أنفسهم أصحاب وصاية على المجتمع بأثره، فهنا نحتاج إلى وقفة.

انتخابات مجلس الشعب أسفرت عن نجاح هذا التيار بنسبة 20% تقريبًا. وفى انتخابات الرئاسة لم تحن الفرصة لأحد ممثلى هذا التيار بالترشح، بعد أزمة جنسية والدته، ومن ثم فالقيام بجس نبض شعبية هذا التيار فى انتخابات مايو الماضى الرئاسية صعب، لاسيما بعد مواكبة تجربة هؤلاء فى مجلس الشعب (البلكيمى- وونيس- ....إلخ).

لكن رغم ذلك فإن وجود هذا التيار ما زال مقلقًا، ليس فى وجوده فى حد ذاته، فهم أناس مصريون، وليسوا رجالا قادمين من الفضاء الخارجى، لكن المقولات التى يحملها بعض من هؤلاء ربما تؤدى إلى نسف روح الوحدة والوئام بين فئات المجتمع، وتحرض على الكراهية وتعيد بلادنا إلى عهود الظلام.

الدعوة إلى ضرب السياحة بهدم الآثار أو طمسها بالشمع، وكراهية المسيحيين، ومن ثم خلق مشكلة للمجتمع المصرى المتسم بالتنوع، وهى أهم سماته، والموقف من المرأة وخاصة مسألة القاصرات، وكونها لا تعدو أن تكون مشروعا للخروج من الكبت الجنسى لدى بعض هؤلاء...إلخ، كلها مواقف برزت فى الفترة الأخيرة لأنصار هذا التيار، أو إن شئت فقل تيارات، لأن هؤلاء منقسمون إلى أكثر من 20 جماعة.

ما العمل؟ أخشى ما يخشاه البعض أن يأتى اليوم الذى يزايد فيه بعض من هؤلاء على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، أو يزايد على الذات الإلهية، فيصبح مكان بعض من هؤلاء مصحات الأمراض النفسية.

قال الله وقال الرسول، يقولها دائمًا من لا ينتمون إلى الأزهر الشريف، فتاوى وأقاويل عادة ما تجد صاحبها مكوجى أو نجارا أو أسطة حلاق، بالكاد خريج معهد متوسط، ونادرًا كليات عملية وفيزيقية.

المؤكد أن التأسيسية هى ملاذ بعض من هؤلاء اليوم للولوج إلى الصفوف الأولى. دعوات بتطبيق الشريعة، والشريعة من بعض هؤلاء براء، رغبة فى الوثوب إلى الأزهر، رغبة فى تطبيق (أحكام) الشريعة الإسلامية، وهى أمور تتضارب فيها الأقاويل مع الفقهاء والمجتهدين أصحاب المذاهب الأربعة، وأين؟ فى مجتمع فقير يتسم بالعوز الاقتصادى والاجتماعى، سيناء تضيع ولا ينقصها إلا تنظيم يعلن الانفصال، وإذ بك تجد من يدعو لتحطيم أبو الهول أو ردم النيل. الرغبة فى تعريب العلوم كما قال مشروع الدستور، هى أحد كوارث مشروع الدستور، تخيل أن يقرأ الطب والهندسة باللغة العربية. عظيم، لكن هذا الأمر كان ممكنًا يوم أن كانت الحضارة العربية تفوق الغربية فى العصور الوسطى، أما الآن فالوضع المعكوس يستحيل معه ذلك. الحديث عن "الشورى" فى مشروع الدستور، رغم ما هو متعارف عليه أن الديمقراطية هى الشورى فى مفهوم المجتمعات المتمدينة.. إلخ.

كل ذلك ربما ينذر بعواقب وخيمة، هنا قد يكون الصبر على البلاء أمرا مهما، فجماعة الإخوان كانت أكثر من ذلك تشددًا فى الخمسينات من القرن الماضى، إلى أن تطورت أفكارها. الدكتور ناجح إبراهيم الذى كان يحمل السلاح فى وجه الدولة (الكافرة) والمجتمع (الكافر) أصبح فكرة الآن جديرة بالتدريس. لكن إلى أن يحين هذا الوقت المؤكد أن على الإعلام ودور العبادة والأحزاب والقوى السياسية، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، ومؤسسات التعليم، وغيرها من مؤسسات التنشئة الاجتماعية دور كبير فى ضبط الأوضاع.. وعلى الله قصد السبيل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة