يقول الله تعالى فى كتابه العزيز "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون" [الحشر: 9].
هل مصر فى حاجة إلى هذه النتيجة – الفلاح، ذات المقدمة السهلة – الإيثار-، أعتقد ذلك بل مصر فعلا وأكيد تحتاج إلى الفلاح لسنا أقل من تركيا ولا أقل من أى دولة من دول الغرب، حتى يسبقونا بمسافة طويلة وبعيدة جدا، كما هو حالنا اليوم، فماذا علينا أن نفعل نحن فقط نحتاج بدايةً إلى الإيثار الذى قال به الله عز وجل فما هو الإيثار؟
الإيثار (بالإنجليزية: Altruism) هو تفضيل راحة ورفاهية الآخرين على الذات، ويعتبر الإيثار تقليدا راسخا فى العديد من الأديان السماوية فى الإسلام والمسيحية واليهودية، والإيثار هو عكس الأنانية، ويختلف معنى الإيثار عن الولاء أو الواجب، فمفهوم الإيثار يتمركز حول الدوافع التى تقود لعمل الخير للآخرين دون مقابل، بينما يتمركز مفهوم الواجب حول الالتزام الأخلاقى تجاه شخص ما أو منظمة أو مفهوم مجرد (كالواجب الوطنى)، وقد يشعر البعض بمزيج من الإيثار والواجب، بينما قد لا يدمج آخرون بين الاثنين، فشعور الإيثار المجرد هو عبارة عن العطاء دون مقابل أو جائزة أو منافع أخرى.
والإسلامُ منذ أكثر من 1400 سنة نادى بحياة سعيدة بما يحمل فى طياته من سُموٍّ فى العلاقات، ونُكرانٍ للذَّات، وانخراطٍ فى الجماعة. وحياةً يؤثرُ الناسُ فيها غيرهم على أنفسهم، لهى حياةٌ سعيدة وناجحة وغنية وعاملة بكل المقاييس والمعايير، لأن القيم المتبادلة هى غذاء الروح الشفيفة، والنفس الرهيفة.
ومصر الآن فى أشد الحاجة إلى الإيثار تحتاج إلى أن لا يفكر الإنسان فى نفسه فقط، تحتاج أن يتعود الإنسان على أن يعطى لا أن يأخذ فقط.
للأسف الكل فى مصر اليوم يفكر فى نفسه فقط، وللأسف ذلك على كل المستويات، فحينما قامت الثورة، الأمر الذى ترتب عليه غياب الأمن بفضل هروب الشرطة من الشوارع والميادين، نشط الحرامى والبلطجى والمجرم، هذا يسرق وذلك يرعب خلق الله وآخر يستحل ويستبيح الأعراض، ورويداً رويداً ظهرت القوى السياسية التى للأسف أيضا ذهبت كل على حده تنادى بمصلحتها ومكتسباتها والتشبث برأيها وحدها دون رأى آخر، والأدهى والأمر أن بعض مرشحى الرئاسة "يقطّعون فى فروة بعض".
ألا يدل ذلك على الأنانية وحب الذات، ألا يدل على غياب الإيثار وتفضيل الآخر، أرى أننا فى حاجة إلى ثقافة الإيثار، فلو أن الكل آثر وفضل الآخر على نفسه، فضلا عن أنه لن يأخذ حقاً ليس من حقه. وقتها ستقوم مصر وسترتفع وستفلح وستعوض كل ما فات على جميع المستويات.
ماذا فعل الإيثار باليابان كل ما وقعت فى مصيبة، ماذا فعل اليابانيون مثلا عندما حدث الإعصار تسونامى الذى قضى على كل شىء فى اليابان، ظهر على الفور الإيثار، فلم يشتر الفرد منهم سوى ما احتاج من قوت يكفيه ليوم واحد فقط، فضلاً عن أنه لم تحدث السرقات والنهبات، إنه الإيثار، والنتيجة واضحة للعيان، تقدم اليابان على طول الخط.
ماذا فعل الإيثار بالقليل، الإيثار يكثر القليل أو يبقيه على حاله، فيُروى أنه اجتمع عند أبى الحسن الأنطاكى أكثر من ثلاثين رجلا، ومعهم أرغفة قليلة لا تكفيهم، فقطعوا الأرغفة قطعًا صغيرة وأطفئوا المصباح، وجلسوا للأكل، فلما رفعت السفرة، فإذا الأرغفة كما هى لم ينقص منها شىء، لأن كل واحد منهم آثر أخاه بالطعام وفضله على نفسه، فلم يأكلوا جميعًا.
الإيثار إحدى الركائز التى تحدد الشخص الزاهد أو التقى، فيُروى أيضا أنه انطلق حذيفة العدوى فى معركة اليرموك يبحث عن ابن عم له، ومعه شربة ماء. وبعد أن وجده جريحًا قال له: أسقيك؟ فأشار إليه بالموافقة. وقبل أن يسقيه سمعا رجلا يقول: ماء، فأشار ابن عم حذيفة إليه، ليذهب بشربة الماء إلى الرجل الذى يتألم، فذهب إليه حذيفة، فوجده هشام بن العاص. ولما أراد أن يسقيه سمعا رجلا آخر يقول: ماء، فأشار هشام لينطلق إليه حذيفة بالماء، فذهب إليه حذيفة فوجده قد مات، فرجع بالماء إلى هشام فوجده قد مات، فرجع إلى ابن عمه فوجده قد مات. فقد فضَّل كلُّ واحد منهم أخاه على نفسه، وآثره بشربة ماء.
فهل نعلى فى مصر ثقافة الإيثار؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة