حدود معلوماتى أن الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء كان ينوى نزول ميدان التحرير والمشاركة فى جمعة "الثورة أولا"، لكنه تراجع فى اللحظات الأخيرة بنصيحة أمنية خالصة.. النصيحة كانت ألا يقترب شرف من الميدان ولا يظهر أمام المتظاهرين لأنه مطلوب.
شرف استمع النصيحة ولم يكتف بالتراجع عن نزول الميدان وإنما غادر مجلس الوزراء، سلمه أمانة لرجال القوات المسلحة وتابع هو أحداث الجمعة من مكان غير معلوم للمتظاهرين كى يمر اليوم بسلام، ما حدث مع شرف جد خطير، حدث مثله قبل ذلك مع الفريق أحمد شفيق واضطر لمتابعة أعماله من المطار وبعدها غادر الوزارة تماما، لكنه كان أمرا عاديا لأن شفيق لم يكن رئيس وزراء ثوريا، لا نزل الميدان ولا أخذ شرعيته من الثوار، أما شرف فهو كما يقولون ابن ميدان التحرير، جاءه ثائرا وخرج منه رئيسا للوزراء.
لم يكن متوقعا أن ينقلب الثوار على واحد منهم، لم يكن متصورا أن من حملوا شرف على الأعناق يوم توليه المهمة هم أنفسهم الآن الذين يصرون على إقالته بعد أقل من 4 شهور، لم يكن متخيلا أن شرف الذى احتمى بالميدان سيأتى يوم يخاف فيه من الميدان ويرضخ لنصيحة أمنية بالابتعاد عن التحرير، لكن هكذا الثورات، لا تمنح الأمان لأحد مهما كان ثوريا، الثورة لا تجامل وإنما تحاسب، الثورة لها مطالب لا تتنازل عن تحقيقها سواء على يد شرف أو غيره.
وشرف لم يأت إلى مجلس الوزراء محمولا على الأعناق لأنه من الأولياء ولا الزعماء وإنما لأن الثوار وجدوا فيه أنفسهم، واحد منهم يشعر بمشاكلهم ويؤمن بمطالبهم العادلة، لكنه خذلهم فاستوجب الخروج عليه.
الثوار مبدؤهم ألا طاعة لمن خرج على ثوابت التحرير، وشرف خالف العهد والتفت عن مطالب الثوار، لم يستخدم شرعيته الثورية فى الضغط من أجل محاكمات ناجزة للفاسدين وقتلة الثوار ليطفئ نار الغضب فى قلوب الثكالى من أمهات الشهداء، لم يتذكر شرف أن عددا ليس قليلا من جيرانه الثوريين بالتحرير كانوا من معدومى ومحدودى الدخل الذين يحلمون بحد أدنى يضمن لهم عيشة كريمة، نسى همومهم على باب مجلس الوزراء وتعامل معهم هو ووزير ماليته سمير رضوان بمنطق "حسنة قليلة".
لم يتحرك لتطهير دواوين الحكومة من الفاسدين، لم يلزم وزير داخليته التخلص من بقايا العادلى وذيوله فى لاظوغلى.
إنذارات الثوار لشرف كانت عديدة لكنه لم يلتفت إليها، لم يعرها اهتماما ظنا منه أن الثوار لن يخونوه، لكن الثورات لها أحكام يصعب تجاهلها، وعلى شرف أن يحترمها وبدلا من أن يتحايل عليها مطلوب منه أن يناقشها بعناية، يظهر للجميع أنه مازال مخلصا للميدان والثوار، مازال مؤمنا بالمبادئ التى رفعته إلى درجة رئيس وزراء، لو كان من حق شرف أن يطالب الثوار بالهدوء فمن واجبه أن يقدم لهم مع حكومته جدولا زمنيا لتحقيق مطالبهم، لا يماطل ولا يسوف ولا يراوغ، بيانات أخر الليل لا تصلح ما أفسده بطء الشهور الماضية، القرارات السبع وإن حملت كثير من الأمل فى الاستجابة لمطالب التحرير لكنها لا تكفى لعودة الثقة ولا مغادرة الثوار الميدان، شرف يحتاج لإجراء أكثر جرأه يعيد الثقة بينه وبين ثوار التحرير، ولن يعد الثقة إلا جلسات أو ورش عمل يدعو إليها تجمع ممثلى الثوار مع الوزراء المسئولين عن الملفات التى يطالبون بفتحها.
جلسات تنتهى إلى اتفاق واضح على خارطة طريق لتحقيق مطالب الثوار، وثيقة لا تقبل الشك ولا التأويل، يحترمها الثوار ويلتزم بها شرف ورجال حكومته، وقتها لن يغضب الميدان على شرف ولن يهاجمه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة