سبحان ربى العظيم فى الرؤساء العرب. أفنوا عمرهم جميعًا فى خدمة أنفسهم، ويقولون أفنينا عمرنا فى خدمة الوطن. أسرهم وعائلاتهم فتحت لهم كنوز الأرض بلا حساب. ومن لف حولهم من اللصوص الذين أصبحوا رجال سياسة ومفكرين لا أدرى كيف - «فاكرين» طبعًا المفكر أحمد عز - ويقولون كلهم: يحز فى نفسى ما ألقاه من بنى وطنى، أو من الفئة الباغية، أو العملاء أصحاب الأجندات الخارجية، وما إلى ذلك مما سمعتموه وعرفتموه. هرب بن على بعد أن قال: أنا فهمتكم. وخلع مبارك بعد أن قال: أعزيكم فى شهدائكم. لم يقل «فى شهدائنا» ولا شهداء الوطن، وإنه لا يخضع لإملاءات خارجية رغم أنه عاش سنوات حكمه يُملى عليه من أمريكا وإسرائيل والسعودية وغيرها. وخلع دون أن يفهم، للأسف، لذلك تحدث فى قناة العربية يومًا كرئيس، وهدد الجميع.
وضرب على عبدالله صالح بعد أن راوغ شعبه ودول الخليج التى حاولت مساعدته أو الخروج من الأزمة. وراح يكذب كل يوم على الجميع حتى «زهقوا» منه فضربوه فى قصره. فى النهاية هو الآن فى السعودية، ملجأ الرؤساء، ويتصور أنه سيرجع.
أما القذافى فيتطور كل يوم فى العناد ولا يستفيد أبدًا من الدرس. الأمر نفسه يحدث فى سوريا التى صارت لغزًا، فلا يخرج أحد للهجوم على الجيش أو قوات الأمن إلا حين تخرج مظاهرة سلمية. يعنى عندما تخرج مظاهرة مؤيدة للنظام لا يخرج أحد ضدها، ولا يصوب أحد رصاصه ضد الجيش، ولا الأمن، ولا المتظاهرين المؤيدين للنظام. يعنى العملاء والخونة لا يندسون إلا وسط الشعب المسالم الذى بدأ يترك بلاده الآن. أنا لا يعنينى هذا كله ولا أى درس وعبرة يستفيد منها حاكم. ولكن سؤالى: ماداموا مصممين على مقاومة الشعوب بعد أن هرب واحد وخلع الثانى وأصيب الثالث، ما الذى سيحدث فى الرابع؟ لكم أن تتخيلوا، والكارثة لن تكون فى الرابع، بل فى الخامس، إلا إذا أسرع وصار الرابع، فلا يزال هناك مصائر بعيدة عن قلة الأدب مثل المحاكمة مثلاً. لكن طبعًا لا أحد من الحكام فى الديكتاتوريات فى أى مكان يتصور أنه يمكن أن يحاكم، خصوصًا بعدما يجرى لمبارك الآن وأسرته.
لم يستجب رئيس واحد لمطالب أى ثورة شعبية فى العالم العربى كله، إلا الفريق إبراهيم عبود رئيس السودان ما بين سنتى 1958 و1964. لقد قدم للسودان كثيرًا من الإصلاحات، لكن حكمه كان، مثل حكم أى رئيس قادم من الجيش، عسكريّا، صادر حريات الشعب والأحزاب ودافعت عنه الأحزاب الدينية حتى خربت بيته وانتفض السودانيون. لم يتأخر الرجل. قال لهم مافيش مشكلة، واتكل على الله دون رصاصة واحدة. وفى بعض الروايات أنه قال لمن حوله إنه فقط يريد أن يضمن أن يستمر ابنه فى التعليم فى جامعة بيروت لأنه إذا ترك الحكم مش حيقدر يدفع المصاريف!! وإذا كانت الرواية صحيحة أو كاذبة فالرجل رحل دون رصاصة، رغم أن الدنيا حرّ فى السودان وتطلع أى واحد من هدومه. السودان السودان. منها يأتى الدرس. فكلنا نعرف أن سوار الذهب الذى أطاح بنميرى سلّم الحكم بعد عام واحد للشعب قبل أن يحدث انقلاب البشير بعد ذلك. هل لأن تاريخ عبود صار بعيدًا لا يتعظ أحد؟ ربما. لكن الأصح أن هؤلاء الرؤساء، وقد طال بهم العهد بالحكم، اعتبروا أنه لا يوجد شعب أصلاً. وأعود للسؤال: الآن ظهرت الشعوب. هرب منها واحد وخلع التانى والتالت متعور فى «راسه» ووجهه ومكسّر الحوض حسب الأخبار المتواترة. ماذا ستفعل الشعوب فى الآخرين ؟ يارب خير.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد نوح
يارب خير
عدد الردود 0
بواسطة:
lمواطن
فجاة اصبحتم شرفاء
عدد الردود 0
بواسطة:
هشاااام
القناع