عندما قال مرشد جماعة الإخوان السابق "طظ فى مصر وأبو مصر واللى فمصر" فى حوار صحفى معى، كان المتوقع أن تنتقده القوى السياسية المعارضة، ليس فقط بسبب هذا التعبير الفظ والفج، ولكن بسبب إصراره على الدولة الدينية، بل وعلى الخلافة الإسلامية، ناهيك عن فهمه المشوه للديمقراطية، واستبعاده للنساء ولغير المسلمين من رئاسة الدولة.
لكن المفارقة أن هذا لم يحدث، فبعضهم التزم الصمت، وكأن الحوار الذى تم نشره كاملاً فى جريدة "روزاليوسف" وقتها، لم ينشر من الأساس. وكثيراً منهم هاجمنى، رغم أننى لم أسب مصر والمصريين، ولا أقاتل من أجل تحويلها إلى دولة دينية على طريقة ملالى إيران، بل وبعضهم اتهمنى بأننى أخدم النظام السابق بنشر هذا الحوار.
فى الحقيقة أن قوى المعارضة فعلت ذلك على أرضية التواطؤ مع جماعة الإخوان، وكانت تسكت عن خطاياها، بمنطق أن الجماعة جزء من قبيلة المعارضة فى مواجهة قبيلة النظام السابق ومؤيديه. ففى رأيهم وقتها أن المعركة الأهم مع النظام السابق.
وهذا منطق فاسد لأنه يخلط بين النظام الحاكم والدولة، وما قاله المرشد السابق مهدى عاكف فى هذا الحوار والأفكار الأساسية للجماعة خطر على الدولة المدنية المصرية، وهى كيان أكبر وأهم من أى نظام حكم. ونقد الجماعة الآن أو فى السابق ليس المقصود هدمها أو إقصاءها، فقد دافعت أنا وغيرى عن حقها فى حزب سياسى، ورفضت ورفض غيرى المحاكمات العسكرية لأعضائها. وكان الهدف من نقد الأخطاء هو لعب دور فى دمجها فى الحياة السياسية، على أسس ديمقراطية حقيقية. ودمجها فى الدولة المدنية المصرية التى تستند إلى حقوق مواطنة متساوية لكل أبناء الشعب، واحترام للحريات الفردية والعامة.
وها قد ذهب النظام وبقيت جماعة الإخوان على أفكارها طبعا. بل وأصبحت أكثر وضوحا، بل وفجاجة، مثل تصريحات القيادى صبحى صالح وغيره. وها هى قوى المعارضة تدرك أنها كانت تحتضن وحشاً، تدافع عنه بالحق وبالباطل، وتدرك أخيراً أن أفكار هذا الوحش إذا بقيت على ما هى عليه، فهى خطر حقيقى على دولة العدل والحرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة