أكرم القصاص

حرية بلا استثناء

الإثنين، 05 ديسمبر 2011 07:43 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مازالت أرى أن هناك إيجابيات فى الانتخابات البرلمانية مهما كانت نتائجها، واعتقد أن قرار خوض الانتخابات لمن كانوا يحرمون الديمقراطية هو تطور إيجابى، وهؤلاء الذين فازوا من التيارات المختلفة، أصبحوا شخصيات عامة من حق المواطنين انتقادهم ومناقشتهم.

وعليهم أن يمتثلوا لقواعد الديمقراطية التى تمنح الناخب كل الحقوق فى مواجهتهم. فهم مدينون للناخبين بمقاعدهم. والنائب لم يعد نائبا فقط عن دائرته، بل عن الأمة بكل مواطنيها، حتى الذين لم يمنحوه أصواتهم.

وعلى هؤلاء أن ينتقلوا من الكلام إلى الفعل، فعليهم مهمة التشريع ومناقشة الميزانية والدخل القومى، ووضع تصورات لتطوير التعليم والصحة، ويقدمون خططهم وتصوراتهم للصناعة والزراعة والتجارة والأسواق والأمن، والسياحة والسينما. وإقامة نظام يكون كل المواطنين فيه أمام القانون سواء. مقاعد البرلمان القادم لن تكون مريحة، وتتطلب بالفعل رجال دولة، يكونون قادرين على تفهم السياسة، والخروج بالبلد إلى بر الأمان، ولن يكون هناك وقت للجدل العقيم، والدخول فى مناقشات شكلية ومعارك فرعية.

المصريون صوتوا فى الانتخابات بكثافة غير مسبوقة لأول مرة منذ عقود، ومطالبهم واضحة: الحرية، والعدالة، والمساواة. وهى أهداف الثورة التى أطاحت بنظام مبارك، لم يخرج المصريون ليختاروا ملائكة بأجنحة، وإنما اختاروا بشرا، يصيبون ويخطئون، ويستحقون النقد والمواجهة، والإبعاد إذا أخلوا بالعقد بينهم وبين المواطنين.

الذى يحكم سواء كان رئيسا أو برلمانا، هو بشر قابل للخطأ والصواب، ولا يجوز لأى من هؤلاء أن يدعى أنه ملهم. البعض اعتاد أن يخضع للتسلط، ويصعب عليه أن يمارس حريته المسؤولة، ويصرون على الخضوع لعبودية من نوع ما. وينسى هؤلاء أن مصر من أقدم الدول التى كان لديها تراث برلمانى وحضارى وديمقراطى محترم. على عكس دول تهتم فى الظاهر بالمحافظة بينما المجتمع فيها متهالك، يمارس فى السر ما يحرمه فى العلن، وهى دول منافقة.

بالرغم من وضوح هذه الأفكار فإن هناك من لايزال يتبنى أراء قديمة، ويصر على نقل المناقشة إلى فرعيات. ومن هؤلاء من يختصر الغرب كله والدول الحديثة فى المثلية، ويصور كأن هذه الدول متفرغة للرقص والشرب، بينما هذه الأنظمة نجحت فى توفير الفرص المتكافئة للمواطنين، والضمانات الاجتماعية والاقتصادية، بالشكل الذى يجعلهم يعملون طوال الوقت، والدليل أنهم يصدرون لنا كل شىء، ونحن نعيش على منتجاتهم ومخترعاتهم، بينما نتفاخر بتراث أجدادنا الذى لم نحفظه أو نتعلمه. هذه الأنظمة سبقتنا ولا خجل من أن نتعلم منها ما يناسب مجتمعنا.

لكننا نرى من يخافون، ويخوّفون من الحرية، وهم لم يجربوها، ولم يختبروها، وكأن المواطنين فاقدو الأهلية. الديمقراطية لاتخيف، بل التسلط والانغلاق وتعطيل العقل هو الخطر الذى يفترض أن نخاف منه.

المصريون قادرون على تحديد مطالبهم وحمايتها. دون وصاية أو ادعاءات. الأصل فى الأشياء أن توضع القواعد ثم تحدد الاستثناءات، وليس العكس.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة