محمد الدسوقى رشدى

الأديان لا تنصرها حجارة «المريناب»!

الجمعة، 07 أكتوبر 2011 08:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إما أن تكون كتب التاريخ مزيفة أو أن العجائز الذين لا يملون من الحكى عن الزمن الجميل يكذبون؟!.. شىء من هذا الذى يسبق علامتى التعجب والاستفهام لابد أن يكون صحيحا، وإلا بماذا تفسر ماحدث فى إدفو وأزمة كنيسة المريناب وحوادث الفتن الطائفية التى أصبحت تتكرر مثلما يكرر التليفزيون المصرى أفلام إسماعيل ياسين؟!

شىء ما من حكايات جدودنا عن أصدقائهم الأقباط ومغامراتهم وأطباق الطعام التى جمعت أيديهم وأوقات الشدة التى تكالبوا عليها بيد واحدة حتى قهروها لابد أن يكون مزيفا، شىء ما من حكايات كتب التاريخ عن مصر الغرقانة فى السماحة، والهلال الذى عانق الصليب فى وجه جنود الاحتلال الإنجليزى، ودماء جرجس التى امتزجت بدماء محمد وهى تروى «رملة» سيناء فى حرب أكتوبر لابد أن يكون فيها كثير من المبالغة.. وهل يعقل أن تكون تلك قصصا حقيقية ونحن نعيش فى وطن تشتعل فتنته بسبب سور كنيسة ارتفع قليلا أو قبة كنيسة ظهرت فجأة؟.

أى شئ يضير أو يصيب المسلم بوجع إذا قام المسيحى فى بلدته ببناء كنيسة أو حتى ألف؟.. لا الإسلام حرم ذلك، ولا الإخوة والعشرة والمواطنة تقول بأن الدم والفتنة هما الرد الأنسب على تحرك سور كنيسة من مكانه أو تحويل مبنى سكنى إلى مبنى كنسى؟!، هل تتخيل أن الإسلام قد يتأثر إذا زاد عدد الكنائس؟، هل تتخيل أن المسلمين فى مصر سيصبحون فى خطر إذا وقعت عيناهم على قبة كنيسة أو صليب؟، إن كنت تعتقد ذلك، أو إن كان كل من ساهم فى إشعال أزمة كنيسة المريناب قد فكر فى ذلك، فلابد أن تعلموا أن الإسلام لم يتلق إهانة أكبر من تلك، ولابد أن تعودوا لمراجعة بنيان العقيدة الإسلامية لتتأكدوا بأنفسكم أنها أقوى من إسلام شخص هنا أو تنصر آخر هناك.

فى أزمة كنيسة «المريناب» كانت الأمور أوضح قليلا عن ذى قبل، خطاب دينى مشوش حول التدين إلى طقوس ظاهرية، وجعل المسلم يؤمن بأن نصرة دينه تتلخص فى زيادة عدد المساجد ومنع بناء المزيد من الكنائس، ودفع المسيحى لأن يؤمن بأن مضاعفة عدد الكنائس هو السبيل الأمثل للحفاظ على دينه وحقوقه، حتى أصبح من الطبيعى أن تجد أمام كل كنيسة مسجدا، وأصبح من الطبيعى أن تجد صراعا مكتوما وخفيا بين الطرفين حول من يجعل مبناه العقائدى أكبر وأجمل حتى ولو حدث ذلك على حساب آلاف الفقراء الذين أقرت الديانتان المسيحية والإسلامية بأولوية الإنفاق عليهم وكفايتهم ذل السؤال.

تلك هى حقيقة تجاور المسجد والكنيسة، تجاور لا علاقة له بالوحدة الوطنية التى تتحدث عنها الصور التى تنقل قباب وصلبان الكنائس وهى تتجلى بجوار المآذن، بل تجاور يعبر عن أصل الفتنة والصراع.

فى أزمة كنيسة «المريناب» بات واضحا أن السياسة هى «الولاعة» الجاهزة لإشعال الفتنة إما عن عمد وإما عن سذاجة وسوء تصرف كما فى حالة محافظ أسوان الذى تسببت أكاذيبه وتصريحاته المتناقضة فى إشعال فتنة من لاشىء.

الحل إذن يكمن فى الصراحة والمكاشفة، فى أن يواجه هذا الوطن مشاكله ويعترف بخلايا التعصب التى تنتشر فى أوصاله حتى ننجح فى محاصرتها واستئصالها، الحل يكمن فى قانون دور العبادة الموحد الذى خرج تائها ولم يعد، ويوجد أيضا فى خطاب دينى مستنير ومحترم يقنع المسيحى والمسلم بأن الأديان لا تنصرها الحجارة سواء شكلت مسجدا أو كنيسة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة