الاستنكار الذى كتبه الزميل محمد عادل فى العدد الأخير من مجلة روزاليوسف ليس جديدا، بل هو مزاج عام ما زال سائدا فى بلدنا، ويعطل دون قصد التطور الديمقراطى، ويسد مسارات تنظيم الغضب حتى يحصل المصريون على حقوقهم.
الزميل عادل كتب تحقيقا متميزا بعنوان "شبح النقابة الموازية يطارد نقابة السينمائيين"، وخلاصته أن هناك من يفكر من السينمائيين فى تكوين كيانات موازية، وتعمقت الفكرة بعد الانتخابات الأخيرة والتى لم يرض عنها قطاعا من أعضاء النقابة.
وتراوحت آراء من سألهم الزميل العزيز، وقد سأل كل الأطراف، ما بين ضرورة وجود هذا الكيان الجديد وبين ضرورة أن يكون جزءا من "بيت السينمائيين"، أى النقابة.
المشكلة ليست فقط فى نقابة السينمائيين، ولكنها موجودة فى كل النقابات، فلم تعد قادرة على استيعاب أعضائها، وجرت محاولات كثيرة لتدول السلطة فيها، مرة بمعارضين سياسيين، ومرة بمؤيدين للسلطة الحاكمة، ونادرا ما تولاها نقابيون هدفهم الأول والأخير الدفاع عن مصالح كل الأعضاء بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.
هذا الفشل اعتقد أن سببه ليس أفرادا من هنا أو هناك، ولكن لأن المصريين محرومون من حقهم الذى يكفله الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وهو حق تأسيس النقابات، وهذا أدى إلى الكثير من الكوارث، أخطرها اضطرار أصحاب أى مهنة لأن يلتحقوا بالنقابة المتاحة، والخطر الثانى أن هذه الطريقة سهلت وجود مهيمنين على العمل النقابى، مستفيدين منه بالمعنى الشخصى أو السياسى، أى ورثوا النقابات، والنتيجة هى انهيار هذه الكيانات الواحدة، وظهور الكيانات الموازية بجوار كل النقابات فى مصر.
الحل ليس فى الإصرار على هذه الكيانات الواحدة، استسلاما لمقولات ديكتاتورية من نوع الوحدة ورفض التفتت، والانتقال إلى حرية التعدد، فالنقابة التى تدافع عن أعضائها تستمر، والنقابة التى تستغلهم تموت من تلقاء نفسها، ويجمع النقابات التى تأسست بالإرادة الحرة اتحادات طوعية، وليس بالإجبار كما يحدث الآن.
اعتقد أن هذه الطريقة ستوفر على البلد الكثير من الجهد والوقت الضائع، أولا، لأنه فى هذه الحالة سيجد أصحاب الأعمال ممثلين حقيقيين يمكنهم التفاوض معهم، أى أن الطرفين أصحاب مصلحة فى التعدد النقابى.
فوجود مسارات لتنظيم الغضب أمر حتمى مثلما تفعل الدول الديمقراطية، لأن البديل سيكون الفوضى التى لن يستفيد منها أحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة