احترت كثيرا وأنا أمسك بالقلم لكى أكتب، مقالى الأسبوعى وسألت نفسى، هل أكتب هذا الأسبوع أيضا عن كارثة جديدة، فى سلسلة الكوارث التى أصبحت من سمات الحياة فى مصر وهى كارثة سقوط أحجار المقطم على سكان "الدويقة" ودفنهم أحياء داخل بيوتهم العشوائية التى تحولت إلى مقابر لهم.. أم أكتب عن الدكتور مصطفى السيد، ذلك العالم المصرى الذى فاز بأرفع وسام أمريكى فى العلوم فى الوقت الذى نجهله فى مصر.. قلت لنفسى: الأسبوع الماضى كتبت عن كارثة احتراق مبنى الشورى ومعه جزء مهم من تاريخ مصر، والأسبوع الأسبق كتبت عن كارثة الذين فقدوا أرواحهم فى مزلقان مطروح.. هل مكتوب علينا أن نعيش أسرى كوارثنا، وهل مكتوب على هذه الأمة أن تظل منكفئة على وجهها، تلملم جراحها.
ما فائدة الكتابة، وما جدواها إذا كانت ستبقى فى إطار لطم الخدود وشق الجيوب. قد يقول قائل ماعلاقة هذه الكوارث ببعضها، وهل نحن البلد الوحيد الذى تقع فيه الكوارث، أليس هذا تزيدا، وتحميلا للأمور ما لا تحتمل، وماذا كان يمكن للحكومة أن تعمل لمنع سقوط أحجار المقطم على من عاشوا وبنوا تحت أحجار غير مستقرة.
الشىء المحير هو هذه المقدرة الجبارة التى يتمتع بها الدكتور أحمد نظيف فى متابعة ملفات الكوارث، يخرج من لجنة العبارات، إلى لجنة المزلقانات، ومنها إلى لجنة "المعديات" ماذا يمكن أن تفعل الحكومة مع كيان مهترئ، تجاوز عمره الافتراضى، ونخر السوس فى عظامه، وأصبح يسير بقوة الدفع الذاتى حتى يأتى اليوم الذى ستتوقف فيه كل معالم الحياة ما لم يأتى التغيير الذى يبعث الروح لإى أوصال هذه الأمة، هذا لا يمكن أن يكون قدر مصر أبدا.
لا أريد أن أقول نفس الجملة التى قلتها فى مقالى السابق، وربما فى المقال الأسبق عليه، بأن كارثة الدويقة سوف تنتهى وكلها أيام، وسوف ننام ونشبع نوما، لنستيقظ من نومنا على كارثة جديدة فى مكان جديد، وربما فى نفس المكان.. دليل كلامى أن التحذير من انهيار المقطم ليس وليد اليوم، ولا حتى الأمس، بل إن هناك عشرات الدراسات والأبحاث لعلماء أفاضل أكدت أن ما يحدث من استثمار ونشاط عقارى غير منظم فى هضبة المقطم ينذر بكارثة، ولكن أحدا لم يلتفت إلى كل ذلك وتعاملوا معه على أنها مجرد "خزعبلات" علماء ليس لديهم وظيفة فقرروا أن "يشتغلوا" المسئولين! بصراحة أشعر بكثير من اليأس والإحباط، وأسأل نفسى إلى متى، وبصراحة أكثر لا أملك الإجابة التى أستطيع أن أقدمها للقراء.
سؤال أخير برىء، هل كانت الحكومة تحتاج إلى إراقة كل هذه الدماء، وتيتيم كل هؤلاء الأطفال، وفقدان العشرات عوائلهم، لكى تظهر عليها أعراض الكرم الطائى، وتعلن عن نقل سكان الدويقة إلى مساكن آدمية جيدة، اتضح أنها مبنية منذ زمن، لكن الحكومة كانت" تستكثرها على الناس! اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، وتب علينا فى هذه الأيام الطيبة المباركة، ورمضان كريم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة