على بُعد خطوات من أهرامات الجيزة، وفي قلب مشهد حضاري وتاريخي فريد، يستعد العالم للافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير، والذي يعد أكبر متحف أثري في العالم يروي تاريخ الحضارة المصرية القديمة، برؤية حديثة وتقنيات غير مسبوقة.
ومع اقتراب موعد افتتاحه الرسمي، تحولت أنظار العالم إلى هذا الصرح الحضاري والثقافي والترفيهي العملاق، ليس فقط لما يحتويه من قطع أثرية فرعونية نادرة، بل لما يمثله من نقلة نوعية في المشهد السياحي والثقافي المصري.
وفي إطار الاستعداد لهذا الحدث العالمي، نفذت الدولة خطة طموحة لتطوير محيط المتحف وجميع الطرق والمحاور المؤدية إليه، بهدف توفير تجربة سياحية متكاملة للزوار، تعكس عراقة الحضارة المصرية بواجهة عصرية متطورة.
تجهيزات حضارية تليق بعظمة المتحف الكبير
وقال المهندس عادل النجار محافظ الجيزة، إن الحدث الأبرز حاليًا هو افتتاح المتحف المصري الكبير نوفمبر المقبل، مؤكدًا أن الدولة تولي اهتمامًا بالغًا بالمنطقة المحيطة بالمتحف باعتبارها واجهة حضارية وسياحية لمصر.
وأشار إلى أن المحافظة تبذل جهودًا متواصلة بالتعاون مع كافة الجهات المعنية للارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والزائرين من خلال تنفيذ مشروعات التطوير وفق أحدث المعايير الهندسية والجمالية، بما يضمن ظهور المنطقة في أبهى صورة حضارية تعكس مكانة مصر أمام العالم، وبما يساهم في تعزيز الحركة السياحية والاستثمارية بالمنطقة.
وأوضح أن المحافظة تنفذ خطة متكاملة لتطوير المنطقة والطرق المؤدية إليه، تشمل رفع كفاءة طريق الإسكندرية الصحراوي، وطريق الفيوم، والطريق الدائري، فضلًا عن تحسين الصورة البصرية لتلك المحاور عبر زراعة 4 آلاف شجرة، و2200 نخلة ودهان نحو 3 آلاف عقار، وتنفيذ 575 شخصية مجسمة، مؤكدًا أن الأعمال الجارية ستجعل من محيط المتحف المصري الكبير نموذجًا حضاريًا يحتذى به.
وقال إن الأعمال شملت تطوير الطرق والأرصفة وبلاط الإنترلوك والبلدورات، فضلًا عن أعمال الإنارة والتشجير والزراعات واللاندسكيب وتنسيق اللافتات الإعلانية، وهو ما ساهم في الوصول إلى مظهر حضاري متكامل يليق بالقيمة التاريخية والأثرية للمتحف.
وأضاف أن أعمال التطوير لم تقتصر على المظهر الجمالي فحسب، بل تضمنت أيضًا رفع كفاءة البنية التحتية وتحسين السيولة المرورية بالمحاور المؤدية إلى المتحف، بما يحقق الانسيابية المطلوبة لحركة المواطنين والأفواج السياحية.
وأشار إلى أن أعمال التطوير الجارية تأتي تنفيذًا لتوجيهات الدولة بالارتقاء بالمناطق المحيطة بالمشروعات القومية الكبرى، بما يعكس الوجه الحضاري لمصر ويهيئ بيئة متكاملة لاستقبال الوفود السياحية من مختلف أنحاء العالم، مؤكدًا أن المشروع لا يخدم فقط الحركة السياحية بل يحقق أيضًا مردودًا مباشرًا للمواطنين من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير بيئة حضارية آمنة ومتكاملة تليق بمكانة مصر وتاريخها العريق.
تحويل محورى المريوطية والمنصورية إلى مزارات سياحية
وتضمن مخطط تطوير محيط المتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه، تطوير المنطقة الممتدة من ميدان الرماية مرورًا بطريق القاهرة إسكندرية الصحراوي وحتى مطار سفنكس، وكذا طريق الفيوم، وذلك برفع كفاءة الأسوار والمنشآت وتطوير الأرصفة ومدها بإضاءات تجميلية ذات طابع متناسق و"لاند سكيب" وزراعات ومسطحات خضراء مدعمة بشبكة ري حديثة، بالإضافة إلى إنشاء جداريات فنية لرموز مصر في مختلف المجالات.
ونفذت محافظة الجيزة مشروعات ضخمة لتطوير وتجميل ورفع كفاءة محوري المريوطية، والمنصورية، تضمنت أعمال توسعة ورصف، وإنشاء ساحات انتظار ومواقف سرفيس حضارية وبارتشينات خدمية نموذجية عبارة عن محال ومطاعم وبازارات سياحية، ومماشي سياحية مدعمة بالمرافق والخدمات ومزودة بإنارات تجميلية ومساحات خضراء.
لم يكن "محور المريوطية" منذ سنوات سوى ترعة مهملة ممتدة وسط الكتلة السكنية، تحاصرها القمامة والمخلفات من كل جانب، وتجسد حالة من الفوضى والعشوائية والإهمال، ومصدرًا لمعاناة يومية لسكانها والمارين بها على حد سواء، أما اليوم، فقد تحول هذا المحور إلى واحد من أبرز مشروعات التطوير الحضري في محافظة الجيزة، وذلك بعد أعمال تطوير، شملت تغطية الترعة، وتوسعة الطريق، وإنشاء ممشى حضاري، ومواقف لسيارات السرفيس، وساحات انتظار حضارية، ومطاعم وكافيهات، ومناطق خضراء.
وراعت المحافظة فى أعمال تطوير ورفع كفاءة محور المنصورية، بعد تغطية الترعة، إنشاء ممشى سياحي ودعمه بمساحات خضراء وشبكة إنارة ذات طراز جمالي، وساحات انتظار حضارية، بالإضافة إلى إنشاء بارتشينات خدمية عبارة عن محال وبازارات سياحية، ليتحول المحوران من بؤر للتلوث والعشوائية والتكدسات المرورية إلى طرق سياحية ومزارات حضارية تعد كلاً منها واجهة مشرفة للمحافظة.
تحسين الهوية البصرية للطريق الدائري
وشهدت واجهات العقارات المطلة على الطريق الدائري تحولًا جذريًا بعد تجميلها، ورفع كفاءتها، حيث تم طلاء العديد منها بألوان متناسقة تضفي طابعًا بصريًا مريحًا، وتزيينها بجداريات فنية مستوحاة من رموز ومشاهد الحضارة المصرية القديمة، مع إضافة بعض العناصر المميزة للطريق من نباتات وأشجار وإنارات تجميلية ولوحات إعلانية وتجميلية، بما يسهم في تحسين المشهد العام للطريق، باعتباره أحد أهم المحاور المرورية في القاهرة الكبرى والمؤدية إلى المتحف المصري الكبير، وإضفاء لمسة جمالية تعكس الهوية الثقافية والتاريخية للمحافظة.
وفي إطار خطة التطوير، بدأت الدولة تشجير الطريق الدائري ضمن المبادرة الرئاسية لزراعة 100 مليون شجرة، بهدف تحسين جودة الحياة والبيئة مع تطبيق معايير الاستدامة للحفاظ على الأشجار وصيانتها، إذ تم اختيار عدة مواقع على الطريق تصلح للتشجير، مع مراعاة اختيار نوعيات من الأشجار لا تحتاج لكميات كبيرة من المياه لترشيد الاستهلاك، وذلك بهدف إضفاء طابع جمالي وتحسين الصورة البصرية للطريق.
وتبذل المحافظة جهودًا كبيرة لتقديم صورة مشرفة تعكس ما تشهده البلاد من تطور شامل في البنية التحتية والسياحة والخدمات، حيث أكدت هند عبد الحليم نائب محافظ الجيزة، أن المحافظة تولي اهتمامًا بالغًا بدعم المنشآت الفندقية والسياحية المحيطة بالمتحف، نظرًا لدورها المحوري في إنجاح الحدث التاريخي واستقبال الضيوف من مختلف دول العالم.
وأشارت إلى أن المحافظة تعمل على التنسيق المستمر مع إدارات الفنادق والأجهزة التنفيذية، لتوفير كافة التسهيلات المطلوبة، مع سرعة الاستجابة لأي شكاوى أو معوقات قد تواجههم، مؤكدة أن المتحف المصري الكبير سيكون أيقونة سياحية عالمية ويستلزم تكاتف جميع الجهود لإخراج الافتتاح بصورة تليق بمكانة مصر وحضارتها.
وقالت إنه تم التشديد على رؤساء الأحياء والمراكز وممثلي أجهزة المدن الجديدة بضرورة رفع كفاءة وتطوير وتحسين الصورة البصرية للطرق والمحاور المؤدية من وإلى المتحف والمنطقة الأثرية والمرور الدوري للتأكد من كفاءتها مع الالتزام بالجدول الزمني المحدد للأعمال، بما يعكس الوجه الحضاري للمحافظة أمام العالم.
وأكدت أن هناك متابعة يومية لتنفيذ التوجيهات الصادرة من المهندس عادل النجار محافظ الجيزة، وتنسيقًا كاملًا مع الأجهزة التنفيذية والجهات المعنية من أجل إنجاز الأعمال المطلوبة بأعلى مستوى من الجودة بما يعكس الصورة الحضارية لمصر أمام ضيوفها من مختلف دول العالم.

جانب من متابعة المحافظ

محافظ الجيزة