تمر اليوم ذكرى واحدة من أبرز المحاولات السياسية الجريئة في القرن السادس عشر، حينما قاد لويس، أمير كونديه، زعيم الهوغونوت (البروتستانت الفرنسيين)، عملية عسكرية مفاجئة عُرفت باسم "مفاجأة مو"، كان هدفها اختطاف الملك الفرنسي شارل التاسع أثناء وجوده في قلعة مونسو بري بالقرب من مدينة مو.
خلفية سياسية ودينية متوترة
كان شارل التاسع قد اعتلى العرش عام 1560 وهو في العاشرة من عمره، بعد وفاة شقيقه الأكبر الملك فرانسوا الثاني، ليصبح ملكًا تحت وصاية والدته القوية كاثرين دي ميديشي. وقد تميز عهده المبكر باندلاع حروب فرنسا الدينية، التي قسمت البلاد بين الكاثوليك والهوغونوت.
رغم محاولات الملك ووالدته تهدئة الأوضاع عبر تسويات سياسية وصُلح مؤقت، إلا أن التوتر ظل قائمًا. فبعد انتهاء الحرب الأولى عام 1563، عاد السلام الهش ليسوده القلق والريبة، خصوصًا بعدما أعلن شارل بلوغه سن الرشد لكنه ظل تحت تأثير والدته.
لماذا حاول الهوغونوت خطف الملك؟
في عام 1567، تصاعدت المخاوف لدى الهوغونوت من أن الملك ووالدته يخططان لحملة عسكرية كبرى ضدهم بدعم من الكاثوليك الإسبان. ولأنهم كانوا يرون في شارل رمزًا لسياسة العداء، حاول أمير كونديه أن يسبق الأحداث، ويضع الملك تحت سيطرة معسكره ليضمن النفوذ والشرعية.
وبالفعل، قاد كونديه قواته في هجوم مباغت على القلعة الملكية في مونسو بري، غير أن المحاولة فشلت، إذ تمكن شارل التاسع وعائلته من الفرار إلى باريس.
نتائج المحاولة
أدت هذه العملية إلى إشعال فتيل الحرب الدينية الثانية في فرنسا. تحرك الهوغونوت سريعًا فسيطروا على مدن عدة، فيما رد الكاثوليك بقوة. وكانت معركة سان دوني في نوفمبر 1567 أبرز محطات هذا الصراع، حيث انتهت بهزيمة الهوغونوت ومقتل عدد كبير من قادتهم. وفي النهاية، جرى توقيع صلح لونجيمو عام 1568، لكنه لم يكن سوى هدنة مؤقتة.
إرث سياسي دموي
أظهرت محاولة الاختطاف هشاشة سلطة الملك الشاب واعتماده الكبير على والدته كاثرين دي ميديشي، كما كشفت مدى عمق الانقسام الديني والسياسي داخل فرنسا. ولم تمض سنوات قليلة حتى انفجرت الأوضاع مجددًا لتبلغ ذروتها في مجزرة سان برتليمي عام 1572، حين تحولت الخلافات السياسية والدينية إلى مذابح دموية طالت نحو 10,000 بروتستانتي.