وليد نجا

الميثاق الغليظ جوهره المودة والرحمة

الأحد، 28 سبتمبر 2025 06:52 ص


جميع العلاقات الإنسانية بين بنى البشر ترجع إلى الموروث الحضارى والدينى، وعلى مر التاريخ ما ظهرت حضارة وازدهرت ووصلت إلى قمة مجدها إلا وتجدها تحترم القوانيين وتطبقها على الجميع، وعلى النقيض ما غابت شمس حضارة إلا وتفشي بين شعبها ثقافة الفهلوة والنطاعة وغاب العدل والمساواة بين أفرادها.

وتتنوع العلاقات الإنسانية مابين علاقة عمل وعلاقة زمالة وعلاقة صداقة، وتعتبر العلاقات بين الأرحام من أرقى وأصدق العلاقات التي تعبرعن مدى الرقى الحضارى بين الأمم لارتباطها بالشرائع السماوية والحضارات الإنسانية المتعاقبة، ومن ضمن هذة العلاقات نجد أن علاقة الزواج ذات قدسية واحترام في المجتمعات الشرقية والمجتمعات المحافظة، فعلاقة المرأة بالرجل عبر الزواج هي النواة الحقيقة لتكوين الأسرة لوجود أب وأم تربطهم علاقة شرعية يقومان بتربية أبنائهم، وتعتبر العلاقة الزوجية معجزة ربانية تبدأ بالإعجاب والحب عبر الاختيار، فالمرأة يتم اختيارها للزواج لجمالها ولحسبها ولنسبها ولأموالها ولمكانتها المرموقة في المجتمع، وخير النساء للزواج صاحبة القيم والدين وهناك العديد من الآيات في القرآن الكريم التي تتحدث عن الزواج، ومنها بسم الله الرحمن الرحيم "{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم

وعند الحديث عن علاقة الزواج في القرآن الكريم على أنها ميثاق غليظ علينا أن نرجع لمعنى الميثاق الغليظ في القرآن ويعني العهد العظيم القوي وقد أخذة الله سبحانة وتعالي على ثلاث فئات من خلقة الفئة الأولى، وهم الأنبياء وتبليغهم رسالته ومنهم نوح عليه السلام وإبراهيم عليه السلام وموسى عليه السلام، وعيسى عليه ، وعلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ليأمرهم بتبليغ الرسالة والوفاء بعهد الله.


والفئة الثانية نبي إسرائيل، وقد أخذ الله جل جلالته ميثاقا غليظا على بني إسرائيل بأن يلتزموا بأوامر جلالته، وأن ينتهوا عما نهاهم عنه، وكان ذلك الميثاق عبارة عن تأديب ومسؤولية فتغليظ الميثاق على اليهود رداً على عنادهم وإنكارهم، وهو تأكيدٌ على ما عليهم من مسؤولية وما ترتب على نقضهم له من عذاب، والفئة الثالثة التي وصفت العلاقة بينهم  بالميثاق هي الأزواج فعقد الزواج بما يتضمنه من حقوق وواجبات لضمان استقرار الأسرة، وفي ذلك تعظيم لمكانة الأسرة في الإسلام.

وقد وصف جلالتة علاقة الزواج بالميثاق الغليظ تعظيم  وتأكيدا على أهمية علاقة الزواج بين الرجل والمرأة وتأكيدا على حتمية الوفاء بين الزوجين والصلاح والتقوي لما يعود على المجتمع بالخير والصلاح وقد وضع جلالتة القوانيين الشرعية المنظمة للعلاقة الزوجية، ويدل وصف الميثاق بالغلظة على أهميته القصوى وضرورة الوفاء به، وغالباً ما يترتب عليه عقاب شديد لمن ينقضه.

وقد أخذه الله سبحانه على الأزواج عند عقد النكاح، ليضمن استقرار الأسرة، فهو عهدٌ شديدٌ في موضوعه وأهميته، ويتضمن إلزام الزوج بإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وعدم أخذ شيءٍ من الزوجة بباطل، كما هو مذكور في قوله تعالى، بسم الله الرحمن الرحيم {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظً} صدق الله العظيم.


وللتدبر اذكر لكم أهمية الميثاق الغليظ: يدل على تأكيد العظمة والشدة: فلفظ "غليظ" يشير إلى قوة وعظمة الميثاق وأهمية الوفاء به، لما له من أثر بالغ في بقاء النوع الإنساني واستقامة المجتمع.


ويعتبر أساس للأسرة والمجتمع  في سياق الزواج، الميثاق الغليظ هو أساس قيام المجتمع الإسلامي القويم وبناء الأسر السليمة.


وتتنوع العلاقة بين الأزواج عبر مراحل الزواج ولكي تصل العلاقة بينهما للمودة والرحمة، لابد أن يكون الحب  والتفاهم متبادل بينهما فإذا شاهدت زوجين يحبان بعضهما ويعيشان متفاهمين.. فلا تقل كم هما محظوظان!، بل قل معايير الأختيار فيما بينهما كانت متوافقة فلابد للزوجان أن يقدما التنازلات لبعضهم البعض..، ولابد لهما من التغاضى عن العيوب فيما بينهما عبر التعايش والتأقلم ومحاولة الإصلاح بالحسنى فلا يوجد إنسان كامل، ومع التغاضي لابد من الغفران والسماح المتبادل لتسير مركب الحياة الزوجية بسلام، فالبيوت لاتخلو من المشاكل، وهنا تظهر أهمية التوافق الفكري بين الزوجين وحسن الخلق والتحمل والتمسك المتبادل بالطرف الآخر في العلاقة الزوجية .. وقد وصل الزوجان لهذة المرحلة من التفاهم  عبر المودة والرحمة والحب المتبادل وقناعة كل منهما بالآخر، ووجود أحلام مشتركة بينهما ورحمة وصبر من الطرفين.


ولكل المقبلين على الزواج، لابد أن تفهموا وتحترموا وتقدسوا العلاقة الزوجية فالعلاقة بين الرجل والمرأة في إطار الزواج هي علاقة تكاملية يكمل كل من الزوجين، وعندما تكون العلاقة في إطارها الشرعي تكون ملزمة بالحقوق والواجبات لكلا الطرفين  سواء في حال استمرار العلاقة أو انتهائها عبر الطلاق بإحسان، وبعد دراسة عن ارتفاع نسب الطلاق في سنة أولى زواج وجد أن السبب الرئيسي غياب المودة والرحمة وعدم الاختيار المتناسب من الطرفين.

فلابد من تعديل قوانيين الأسرة في بلادنا العربية بما يضمن حقوق الزوجين ويرسخ للمودة والرحمة في حال استمرار الزواج أو الانفصال دون إساءة فمن صفات الفرسان عدم الحديث بسوء عن من كانت زوجتة في يوم من الأيام في حال الانفصال.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب