شامبليون.. من طفل "بليد" إلى مؤسس علم المصريات

السبت، 27 سبتمبر 2025 09:00 م
شامبليون.. من طفل "بليد" إلى مؤسس علم المصريات شامبليون

محمد عبد الرحمن

تمر اليوم الذكرى الـ203 على الإنجاز التاريخي الذي حققه عالم المصريات الفرنسي جان فرانسوا شامبليون في 27 سبتمبر 1822، حين تمكن من فك رموز اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة بعد دراسته لحجر رشيد، فاتحًا الباب أمام ميلاد علم المصريات الحديث.

عبقرية منذ الطفولة

ولد شامبليون في مدينة فيجاك الفرنسية، وكان أصغر أشقائه. تميز منذ طفولته بذكاء لغوي لافت، رغم فشله المبكر في التعليم النظامي. التحق بمدرسة "البنين الأولية" عام 1790 وهو في الثامنة من عمره، لكنه لم يكن سعيدًا ولا ناجحًا، إذ عانى من ضعف في الحساب والإملاء، وكان سريع الغضب وغير منظم، ما جعله يُعتبر "تلميذًا بليدًا" في نظر معلميه، رغم أن موهبته الحقيقية ظهرت لاحقًا في مجال اللغات.

رحلة في عالم اللغات الشرقية

على الرغم من إخفاقاته الدراسية الأولى، أظهر شامبليون تفوقًا استثنائيًا في تعلم اللغات. لم يكتفِ باللاتينية واليونانية، بل أتقن العبرية والعربية والسريانية والكلدانية، ثم لاحقًا الفارسية والسنسكريتية. دفعه اهتمامه بمصر القديمة إلى تقديم بحث لجامعة غرونوبل حول أوجه الشبه بين اللغة القبطية القديمة واللغة الهيروغليفية، وهو البحث الذي لفت الأنظار إلى عبقريته للمرة الأولى.

بداياته العلمية

هذا البحث كان بداية مسيرته العلمية المميزة، إذ عُيّن بعده رئيسًا لقسم المصريات في متحف اللوفر، كما تولى منصبًا أكاديميًا في جامعة فرنسية حيث ألقى محاضرات عن تاريخ الحضارات المختلفة. لعبت شبكة معارفه دورًا في دعمه، ومنهم جوزيف فورييه محافظ غرونوبل، الذي شجع اهتمامه بمصر القديمة.

نجاته من التجنيد
خلال الحروب النابليونية، كان مقررا أن يُجنّد شامبليون للخدمة العسكرية، لكنه نجا بمساعدة شقيقه ومحافظ غرونوبل، حيث أُعلن أن عمله على النصوص المصرية أكثر أهمية من خدمته في الجيش. ورغم ذلك، خسر منصبه الجامعي بعد سقوط نابليون، خاصة أنه ساند الإمبراطور وساعد بعض رجاله على الهرب من فرنسا.

إنجازاته الكبرى

بعد نشر اكتشافاته حول فك رموز الهيروغليفية، أصبح شامبليون أحد أبرز الشخصيات العلمية في فرنسا. التقى بدوق براكاس الذي دعمه ماليًا وسياسيًا، وتم تعيينه محافظًا للمجموعات المصرية في متحف اللوفر. في هذا المنصب، سافر إلى مدينة تورين الإيطالية لفحص وفهرسة مجموعة كبيرة من الآثار المصرية.

وفي الفترة من 1828 إلى 1830، قام شامبليون برحلته الشهيرة إلى مصر، حيث أجرى أول مسح منهجي لآثار البلاد وتاريخها. تمكن خلال الرحلة من قراءة العديد من النصوص الهيروغليفية التي لم تُدرس من قبل، وعاد إلى فرنسا بمجموعة ضخمة من الرسومات والنصوص التي وثقها بنفسه، لتشكل قاعدة أساسية لعلم المصريات.

إرث شامبليون

يُعتبر شامبليون المؤسس الحقيقي لعلم المصريات الحديث، إذ بفضل اكتشافه أصبح بالإمكان قراءة نصوص الحضارة المصرية القديمة بعد أن ظلت غامضة لأكثر من 1600 عام. ومنذ ذلك الحين، وُلد علم "إيجيبتولوجي" ليضع مصر في قلب الدراسات التاريخية العالمية، ويكشف عن حضارة أبهرت البشرية بعلومها وفنونها.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة


الرجوع الى أعلى الصفحة