قد يظن القارئ أننى أتحدث عن رأس الملكة "نفرتيتى" الموجود حالياً فى متحف برلين، والذى نحاول إعادته الآن عن طريق تقديم الأدلة القانونية التى تثبت حق مصر فى وجود هذا التمثال، ولكن الحقيقة أننى أكتب عن قصة حقيقية حدثت منذ عدة أشهر، والقصة أقرب إلى الخيال ولو حكاها لى شخص آخر ما صدقته.
فقد حدث أنني فوجئت ذات يوم وأنا بمكتبى بمساعدتى نشوى جابر تبلغني بوجود سيدة إنجليزية حضرت من قبل ولم تتمكن من مقابلتي، وقد جاءت اليوم لمقابلتي وأخذت في البكاء والإلحاح على السيدة نشوى لكي تقابلني وعندما سألت عن أسمها قالت لي: السيدة تقول إن اسمها نفرتيتي ..!
ودخلت السيدة نفرتيتي وجلست أمامي والدموع تذرف من عينيها وتقول لي: "دكتور زاهى حواس أعرفك بنفسي فأنا الملكة نفرتيتي أجمل امرأة مصرية في التاريخ، وقد عدت إلى العالم مرة أخرى، وجئت إليك لأنك الوحيد الذي سوف يعيد تمثالي الجميل من متحف برلين وتعطى درساً للألمان وتقول لهم إن تمثالي من حق مصر وليس من حق ألمانيا..".
وقبل أن أقص عليكم قصتها أسمحوا لي أن أصفها لكم فهي شابة لا يمكن أن تصدق أن عمرها 47 سنة، حيث تبدو أصغر من ذلك بكثير، نحيفة سمراء البشرة، وشعرها يشبه شعر أميرات وملكات الفراعنة، ولأنها لا تتحدث سوى الإنجليزية فيمكن القول إنها أميرة غربية وليست مصرية.. تتكلم بسرعة غريبة جداً ولا تعطى فرصة لأحد أن يتحدث.!
وعندما سألتها عن قصتها قالت لي إنها ولدت في إنجلترا وأطلق عليها والدها اسم فيكتوريا، ولكنها بدأت تحلم بالملكة "نفرتيتي"، وبدأت تحس أن الملكة تأتي لها في كل الأوقات وتتقمص شخصيتها، وعرفت بعد ذلك أو هكذا تؤمن هي أن الملكة قد عادت مرة أخرى للحياة وأنها يجب أن تحمل اسم "نفرتيتي" وليس فيكتوريا، وبالفعل قامت بتغيير اسمها إلى نفرتيتي وسجلته في وثيقة سفرها وأصبحت تحيا وتتعامل مع من حولها على أنها الملكة نفرتيتي.!
أكثر من هذا فقد أرسلت نفرتيتي الإنجليزية خطاباً لكل زعماء العالم تحكى قصتها وأن روحها أي روح "نفرتيتي" أحياناً ما تغادرها لتصعد إلى السماء، وأن روحها مربوطة بالقوى الغامضة في الكون، وتستمر نفرتيتي في شكواها من الإنجليز حيث اضطهدوها وعاملوها على أنها مجنونة، ولكنها متأكدة من أنها من أعقل سيدات العالم وعلى استعداد للوقوف أمام علماء الطب النفسي لتثبت لهم أنها الملكة "نفرتيتي" على الأرض.!
الغريب أن ما ورد إلى ذهنى وأنا أنظر إلى نفرتيتي هو صديقي العزيز أنيس منصور الذي كتب كثيراً عن تناسخ الأرواح، وكم كنت أتمنى أن يكون حاضراً في مكتبى ليشاهد ويسمع قصة نفرتيتي التي ظلت تقول إنها لو لم تكن نفرتيتي فمن أين لها معرفة كل هذه التفاصيل عن الملكة غير المكتوبة في أي من المراجع والكتب التاريخية؟
ومن أين لها هذا الارتباط الغريب بمصر والنيل والأهرامات وفي كل مرة تأتي فيها إلى مصر وتزور هذه الأماكن تحس بشحنات غريبة تسرى في جسدها، وطاقة عجيبة لا تعرف مصدرها، كنت أتمنى بالفعل أن يراها أنيس منصور ويتحدث معها لأعرف رأيه فيما يراه ويسمعه.
تذكرت وهي تجلس أمامي وتتحدث بسرعة غريبة عن حياتها، قصة المدرس الألماني آدم الذي جاء إلى مكتبى وكنت وقتها أعمل بمنطقة الهرم، وظل أكثر من ثلاث ساعات ينتظرني وأنا أتفقد المنطقة الأثرية والأهرامات والمقابر، وعندما عدت إلى مكتبى وجدته يقول لي إن روحه سوف تدخل إلى الهرم لتنضم إلى أرواح الفراعنة الطيبة التي تحيا داخل هرم الملك "خوفو" وأنه سعيد جداً لأنه سوف يقابل روح الملك "خوفو" ويحيا معه إلى الأبد.. كان مع آدم مجموعة سياحية من ألمانيا وطلب آدم منهم دخول الهرم في وقت معين وانتظار مجى روحه إليهم، وفي الميعاد المحدد قام آدم بإلقاء نفسه من أعلى برج الجزيرة..!
ولذلك فقد انتابني خوف بأن الملكة نفرتيتي الجديدة سوف تعود مرة أخرى إلى عالم الموتى..!
قلت للملكة نفرتيتي: مولاتي أرجو أن تعودى فوراً إلى إنجلترا وتنتظرى نتيجة المباحثات التي تحدث بيني وبين الألمان وعندما يعود رأس التمثال لمصر فبإمكانك العودة مرة أخرى لكى ترى الرأس الجميل في مصر..؟ وهدأت نفس نفرتيتي وارتسمت الابتسامة على وجهها وغادرت مكتبى بهدوء.
وبالأمس القريب وجدت الدكتور طارق العوضي يخبرني أن الملكة نفرتيتي عادت وموجودة داخل مكتبه منذ ساعات، وقال لي إن هذه السيدة لن تترك مكتبه دون أن تقابلني.. ودعوتها للحضور وكان معى الصديق عمر بدر في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك.. وبدأت تتحدث وتقول انتظرت طويلاً ولم تدعونى للحضور، وقد حضرت من لندن خصيصاً لكى أقابلك للمرة الثانية وهذه المرة حضرت وليس معى سوى تذكرة ذهاب فقط.. فأنا أريد أن أعيش في مصر، وبدأت تكشف لي عن خريطة أفريقيا التي ولدت بها أسفل رقبتها، وقالت لي إنها لن تغادر مصر وأن العالم كله يجب أن يعرف بوجودى، وأننى المسئول أمام الفراعنة لحمل رسالتها إلى العالم كله..!
وطلبت منها أن تعطيني يومين لكى أقرر ما سوف أفعله.. وأنا في الحقيقة لا أعرف ماذا أفعل؟
وكل ما أخشاه أن أقرأ في الصحف أن الملكة نفرتيتي قد ألقت بنفسها في النيل لتعود روحها إلى عالم الفراعنة.!