زاهى حواس

إله الشر.. مازال حيا يرزق

الخميس، 24 يوليو 2025 01:48 م


من منا لا يعرف أن للشر إلها عند أجدادنا القدماء؟

إنه "ست" هو إله الشر عند الفراعنة ولم يحدث أن قدم بعمل خيراً في حياته أبداً، بل ظل الحقد يملأ صدره حتى ضد أخيه ووصل به الغل إلى تمزيق جسد أخيه إلى أربعة عشرة قطعة ونثرها في كل مكان حتى يتخلص من الخير في الدنيا نهائياً...

ولقد صادفت في حياتي شخصا يحمل كل هذه الصفات الشريرة، وعندما قابلته لأول مرة منذ سنوات عديدة ونظرت إلى وجهه ورأيت السواد الملىء بالحقد يملأ عينيه وملامحه.. حاولت بكل الطرق أن أحمى نفسى من شره خاصة أنني كنت لا أزال في مقتبل العمر أبدأ حياتي العملية، بينما هو كان يملك كل أدوات الشر ويستخدمها في تدمير أي خير يراه أمامه.

كنت أحس بالغل في عينيه وهو يرى صورى بالصحف وهو الذي وصل إلى مكانة عالية في عمله لكنه لم يحمد الله على ما أعطاه.. ودائماً ما يتطلع إلى مناصب أخرى حاول أن يصل إليها بشتى الطرق.

وذات مرة لم يجد أمامه طريقة للوصول سوى مداهنة صبي صغير من تلاميذه أخذ ينافقه بشكل مقزز وملحوظ اعتقاداً منه أن منصب هذا الصبي يؤهله لكي يساعده في الوصول إلى ما يريد.. وقد وصل رمز الشر إلى ما تمناه من منصب لم يدرك أنه زائل وجلس على كرسى أعماه حقده عن استيعاب الحقيقة الأبدية أن على ذات الكرسي جلس قبله آخرون وسيجلس من بعده آخرون وسبحان من له الدوام.

اعتقدنا جميعاً أن "ست" رمز الشر والحقد والكراهية سوف يتخلى عن شره وسيزول عنه حقده بعد أن نال المنصب ولكن وللعجب ازداد الحقد في قلبه ونفسه المريضة.. وبدأ يعمل بكل طاقاته ضد الخير.. جلس في مكتبه لا يفعل شيئاً سوى تقديم فروض الطاعة العمياء إلى رؤسائه.. يكيل لهم المديح بسبب وبدون سبب، وكانت المحصلة بالطبع صفر، فلم يأتي بعمل واحد جد محترم، وعلى الرغم من ذلك ملأ الدنيا صياحاً مفتخراً بأعماله التي تصور أنها أخطر من اكتشافات حاملي جائزة نوبل وأهم من اختراع البنسلين.

وعندما ترك منصبه اعتقدنا أنه سوف يهدأ ويعى الدرس الأبدى ولكن للأسف تحول إلى بركان غاضب ينفث شرره وسمومه فى كل مكان وأى مناسبة تتاح له وبأى طريقة وإن وصلت إلى حد قلب الحقائق وإلباس الحق بالباطل والشهادة الزور ونسي قصة يعرفها الجميع عندما تم اتهامه بتهمة خطيرة ووجد من يقف بجواره لكي لا يشوه اسمه أمام أبنائه.

وعندما وقع في قضية أخرى وجد أيضا من يقف بجانبه وكنا نعتقد أن الشر سوف يزول كلما واجهناه بالخير فما كان منه إلا أن شن هجوماً شرساً على شخصى وكان هجومه أبلغ دليل على عدم درايته بالعمل وأن كل أسلحته هي استخدام العبارات الرنانة والكلمات الكبيرة التي أضاع وقتاً كبيراً من عمره في حفظها.

عندما قرأت ما قاله لم أملك سوى أن أتذكر "ست" إله الشر عند الأجداد بكل أفعاله وقلت في نفسي إن "ست" لن يتغير أبداً ولن يترك ما عهد إليه من وظيفة وما التصق به من صفات، إن حقد وشر "ست" سوف يظل مصوباً نحو كل خير يراه.

وقد يزداد الشر عندما يرى الإله "ست" زميل له حصل على مكسب علمى أو أن هناك منصبا قريبا سوف يناله شخص ما تجده يبث سمومه فى كل مكان إما بإطلاق الشائعات أو يرتدى رداء الفضيلة في مشهد تمثيلي يظهر كما لو كان الواعظ الفاضل أمام الناس حتى يتمكن من ضرب سهامه الفتاكة في عدوه الذي لم يفعل له شيء سوى أنه نجح وتقدم في عمله.

اعتقد الإله "ست" الأصلى أن الشر سوف يمكنه مما تصبو إليه نفسه ولم يدرك أن الخير دائماً ينتصر في النهاية.. إن الإله "ست" القديم والحالي قد حاولا في كل معركة خاضاها استخدام كل الأسلحة غير الشريفة للنيل من أى شخص يقوم بأى عمل ناجح سواء في الداخل أو الخارج، وبمجرد بزوغ بوادر الخير ترى السهام توجه من كل مكان وبعشوائية لوند هذا النجاح في مهده ولو بإطلاق الشائعات في جلسات الحقد والنميمة.

أقول هذا الآن لأن أصدقاء الإله "ست" أو طابور أعداء النجاح بدأوا يطلقون الشائعات بين الناس، وللأسف الشديد هذه الشائعات تخرج من البعض إما عن جهل أو أنهم يريدون تلويث المجتمع في ظل ظروف صعبة تجد فيها الشائعة فرصة للانتشار كالنار في الهشيم، وإشاعة جو من التشاؤم بين الناس وشبابنا وتصوير كل شيء على أنه إما باطل أو فاسد؛ لذلك أصبح معظمنا لا يرى طاقات النور الموجودة حولنا في كل مكان وما تحقق من إنجازات هي قائمة بالفعل وكل ما تحتاجه هو أن نبث الأمل في النفوس ونرى الأشياء الجميلة والأمثلة الجيدة التي يجب أن نبرزها لأبنائنا حتى لا نخلق جيلاً معقداً.

إن جماعة الإله "ست" يا سادة يأخذوننا قروناً إلى الوراء وقد اتحدوا مع قوى الظلام كما تخيلها المصرى القديم لكي يجعلون الناس تعيش في ظلمة لا تسمع إلا ما يقولونه ولا تعمل لا بما يأمرون، إنه الفرق بين مجتمعات تريد أن تتقدم ومجتمعات تهرول إلى الوراء، فى الأولى لا تسمع الأعداء النجاح وأتباع ست صوتاً، بينما في الثانية فكل شيء ممكن الحق يلبس بالباطل والعمل الجيد يصير خيانة للوطن والأمة العربية وأحياناً عندما يرتدى أحباب "ست" عباءة التدين نصير خونة للأمة الإسلامية.

بل إن أكثر ما يؤلمني حقاً أن العلم في بلادنا قد أسيئ إليه بشكل بالغ بتولى "ست" وأتباع بعض المناصب التي من خلالها يستطيعون منح درجات علمية رفيعة لطابور طويل من الأتباع المخلصين الذين تخصصوا في كتابة الشكاوى المجهولة والممهورة بخاتم مخلص أمين.. وهو بالفعل مخلص أمين للأله "ست".

إن هذا الشر لا يستهدف شخصا بعينه ولكنه ينال من المجتمع كله ويعطله فلنحطاط ولنأخذ أقصى درجات الحذر..

إنني أعتقد أن السبيل الوحيد إلى القضاء على الإله "ست" هو تطوير التعليم والبحث العلمي لكي نعرف قيمة العلم وأعتقد أن العلم الحقيقى لو استقر فإنه سوف يرسم استراتيجية في حياة المجتمع وبالتالي يجد "ست" نفسه وحيداً يائساً لأن الجهل قد انتهى.. وفي هذه الحالة لن يكون في يده سلطة يستعملها في سبيل تجنيد بعض أتباعه لمجرد خوفهم منه أو أنهم سوف ينالون ترقية أو درجة.. دفعني لكتابة هذا المقال هو معرفتي أن "ست" يأخذ إجازة في شهر رمضان المبارك.. أعاده الله علينا جميعاً بالخير واليمن والبركات.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة

السياحة هى الأخت الشقيقة للآثار

الخميس، 10 يوليو 2025 11:00 ص

دموع إيزيس التى تروينا

الخميس، 03 يوليو 2025 12:08 م