داليا مجدي عبد الغني

زجاج مُلون

السبت، 13 سبتمبر 2025 11:35 ص


عندما كتب الكاتب الإنجليزي "جيفري تشوسر" في قصيدته "بيت الشهرة" عام 1380م: "ليس كل ما يلمع ذهبًا"، لم يكن يعلم أنها ستكون سمة العصر، فالآن كل ما يلمع يجذب الناس، لدرجة أنهم يظنونه ذهبًا، ولكن إذا كان هذا الأمر يصلح أحيانًا في المظهر الخارجي أو حتى في إظهار بعض الطبائع المُزيفة، إلا انه لا يصلح على الإطلاق في حقل العمل.

ولكن وللأسف الشديد، أصبح العديد من الناس يستغلون اختصاصاتهم أو مجالات عملهم لكي يصنعوا حالة الفرقعة الزائفة بين أقرانهم، بمعنى أنهم لا يُقدمون مضمونًا أو محتوى هادف، فهم فقط يكتفون بالإستعراض بالأسماء البراقة، وبعض الأزياء والديكورات لكي يُسببوا حالة كاذبة من الإبهار غير الحقيقي لدى ضعاف العقول الذين يلتفون حول أي شيء يلمع، دون أن يُحاول ولو لمرة واحدة أن يتيقنوا من نوع المعدن الذي يحمل هذا البريق.

وبالقطع تكون النتيجة التغطية على قشرة العقل، وعدم التنقيب عن مضمون المادة المُقدمة، والاكتفاء بما هو ظاهر وبراق، بل والأدهى من ذلك أن أصحاب الرسالة النبيلة، والاختصاص الحقيقي يُصابوا بحالة من الوُجوم بسبب رد فعل الآخرين حيال ما يُقدم من محتوى يُسفه العقول.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، إلى متى سنظل لدينا التباس بين الذهب الحقيقي والعيرة، وبين الألماس والزجاج المُلون؟ هل سنترك العنان لأصحاب الأفكار المُقلدة والمُقتبسة لكي يكون لهم مكان على الساحة، في حين أنهم خاوين تمامًا من الفكر؟

فلو بقي الحال على ما هو عليه، سنكتشف أننا بأيدينا نصنع الزيف والكذب والخداع، وسيضيع الأصلي بين التقليد، وستموت الحقيقة وسط الأكاذيب، وسيأتي علينا يوم نفشل في التفرقة بين المعدن الأصيل والمُزيف.

ليتنا نُدرك أن كل مَنْ يبنون نجاحاتهم على البريق وتقليد الغير، وسرقة اختصاصاتهم، هم في الأساس أشخاص بلا هوية، ضائعون ومُشتتون، ولكي يُداروا على حالتهم المُزرية يُغلفون سلوكياتهم بالبريق الشديد.

وكل ما علينا هو أن نتدرب جيدًا على التفرقة بين الغث والثمين، حتى لا نُضيع وقتنا وأفكارنا وأموالنا على الزجاج المُلون.
 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب