هوس التهجير وأجراء الشعارات المدفوعين نحو تفريغ غزة من أصحابها الفلسطينيين، جميعهم في معركتهم الفاصلة نحو إنهاء الحق الفلسطيني باسم حقوق الإنسان وشعارات الجهاد التي نؤمن بحقيقتها ونرفض الاتجار بها، إذ أن مجموع هؤلاء يلعبون على وتر فك الحصار من مصر، ويناقضون أنفسهم بإرسال زجاجات عبر البحر في كشف لكذبة حصار القطاع وفتح الحدود، والبحر أمامهم.
المشهد الغزاوي القاصر لدى هؤلاء المعنيين بالنظر لنصف الكوب الفارغ له ملامح أخرى تفسر حجم مؤامرة نسف القضية الفلسطينية، فالضفة الغربية باتت في مرمى نيران الإرهاب الإسرائيلي بالتزامن مع العملية العسكرية الإسرائيلية لتفريغ القطاع، فتكلفة الإنزال الجوي التي يتم إنقاذ القطاع بها، وإدخال المساعدات برا بصعوبة تفوق الإنزال بينما يزيد جهد الإنزال وتكاليفه كل هذه ملقاه على عاتق الدولة الراسخة المحاربة والمدافعة عن حقوق الإنسان الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه، وعن علاجه وتعليمه ومعيشته وتقوم بذلك دون الفصل بين دورها تجاه المصريين والفلسطينيين، وذلك بناء على مسئولية ذاتية تاريخية ومستمرة ودائمة، وإدراكا للتحولات الجيوسياسية في المنطقة.
ويواصل تجار حقوق الإنسان دورهم في زعزعة الثقة في الدول المحورية، يتجاهلون الحدود الغزاوية البحرية المباشرة للقطاع مع العالم ويلقون باللائمة على دولة دافعت وتدافع عن حق حرية الحركة الفلسطينية عبر معبر رفح، ورفضت غلقه من قبل إسرائيل، ودعت المسؤولين الأممين لمعاينة التعسف الإسرائيلي وسجلت موقفا ووثقت حرب التجويع لتسبق الأبواق الأجيرة التى تفرغ القطاع مساعدة لإسرائيل.
الغريب في معركة الضرب في مفاصل الثقة هو تجاهل حجم الجهد الذي وصل لتنفيذ عمليات إنزال جوي للمساعدات لدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة التجويع، وتعزيز الصمود في مواجهة التهجير، إدراكا لأهمية عامل الوقت والتعسف الإسرائيلي وعدم ارتهان وضع الفلسطينيين بموافقة إسرائيل التي تراوغ وتعلب على عامل الوقت وحصد المزيد من الشهداء بالحرب أو بالجوع، وتعزيز مقاومة الفلسطينيين حتى تتكافئ المفاوضات.
وبالنظر لحرب 7 أكتوبر ومدى ما يمكن أن تحرزه المفاوضات، فإن تعادل كفة الفلسطينيين في المفاوضات وفرض تهدئة مفتوحة مستمرة يعني إفشال مشروع التهجير، والتوسع الإسرائيلي على حساب فلسطين، إيا كانت نتيجة الحرب، فإسرائيل تستهدف تفريغ والاستيلاء على كل فلسطين، والدليل هو إطلاق دولة الاحتلال مشروع ضم الضفة الغربية، ورغبة نيتنياهو مواصلة الحرب لتحقيق أي مكسب في غزة باتجاه التهجير.
إن كل المشاهد والدلائل والمعطيات تكشف عن دور مصر في الحفاظ على جغرافيا الإقليم، والوضع الجيوسياسي، ودعم الجميع، ونجحت في إفشال مشروع التهجير ودعم فلسطين على المقاومة بوسائل السياسة والحرب وتصفير خلافات الإقليم ودول الجوار، وإفشال إشعال كافة الدول المجاورة والشقيقة والدليل هو قيام الحكومة السودانية الجديدة لغلق ملف تفكيك الجارة الشقيقة، ومساعيها في ليبيا، وها هي غزة لو أغلقوها من البر لنزلنا إليها من الجو، فعلى من يدعم فلسطين أن يتلمس طريق البحر إن شاء أو أراد إليه سبيلا.