جلس جايوس قيصر، المعروف بلقب كاليجولا، على عرش الإمبراطورية الرومانية بين عامي 37 و41 ميلاديًا، كان في طفولته شغوفًا بالحياة العسكرية، يرافق الجنود ويتعلم فنون القتال. ولأن والدته ألبسته زيًّا عسكريًا صغيرًا مع حذاء خاص، أطلق الجنود عليه اسم كاليجولا أي "صاحب الحذاء الصغير".
في بدايات حكمه، بدا إمبراطورًا محبوبا، لكن بعد ستة أشهر فقط أُصيب بمرض غامض أقعده شهرًا كاملًا بين الألم والمعاناة. اعتقد الأطباء أن السبب يعود إلى إفراطه في الشراب والسهر، لكن ما إن تعافى حتى انقلبت شخصيته تمامًا. فقد تحوّل من قائد محبوب إلى طاغية دموي لا يعرف للرحمة طريقًا.
أعلن نفسه إلهًا، وأجبر الناس على عبادته، بل أقام تماثيل ضخمة له داخل المعابد. وصل به جنونه إلى درجة أنه أراد بناء جسر يصل الأرض بكوكب المشتري ليلتقي بالآلهة. كما أمر بقتل أصحاب الرؤوس الصلعاء رغم أنه كان أصلعًا، وأغلق مخازن الطعام ليتلذذ بمشاهدة شعبه يتضور جوعًا، مرددًا عبارته الشهيرة: "أنا بديلكم عن الطاعون".
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل عيّن حصانه المفضل تانتوس عضوًا في مجلس الشيوخ، وارتكب أبشع الجرائم من اغتصاب وحرق وقتل. وفي النهاية لم يتحمل حرسه وبطانته بطشه، فانقضوا عليه وطعنوه ثلاثين طعنة داخل قصره، ثم ألقوا جثته في بئر عميقة، لتطوى صفحة أحد أكثر الأباطرة جنونًا في تاريخ روما.