فى قلب كل حجر حكاية، وعلى جدران المقابر والمعابد والقصور والمساجد، نقش المصريون فى جميع الحقب الزمنية فصولًا من تاريخ لا يمحى، فما بين المعابد الشاهقة فى الجنوب، والقصور الخديوية فى القاهرة، والمتاحف التى تحتضن كنوز الأزمان، تتجلى ملامح هوية متجذرة فى الأرض والوجدان، وعبر سلسلة اعرف تراثك نطوف بين أروقة التاريخ المصرى، نعيد اكتشاف المواقع الأثرية والمعمارية التى شكلت وجدان الوطن، ونستعرض قصصًا خفية وأسرارًا خلف جدران الصمت، ومن بينهم معبد قصر قارون.
قصر قارون
معبد قصر قارون على الجانب الجنوبى الغربى لبحيرة قارون ويرجع تاريخه إلى الحقبة اليونانية الرومانية، ويتكون المعبد من 3 صالات يتقدمها قدس الأقداس، ثم سلم على الجانب الأيمن، وأخرى على اليسار، للوصول للدور العلوي، كما أن طول المعبد 35 مترا، وعرضه 19 مترا، بارتفاع 13 مترا، فضلًا أنه مبنى من الحجر الجيري.
ويُعد قصر قارون، معبداً قديماً يضم ما يقرب من مائة حجرة، تم إنشاؤها لتستخدم فى تخزين الحبوب والغلال، واستخدامات كهنة المعبد فى هذا الوقت، ويضم المعبد العديد من المتاهات والسراديب، كما يتزين سقفه بنقوش "الإله سوبك"، بينما يتزين مدخله برسومات شمس ذات أجنحة، ويطل من الجنوب والغرب على الصحراء، ومن الشمال والشرق على أراضٍ زراعية، ولا يزال يحتفظ برونقه وجماله حتى الآن على الرغم من مرور ما يقرب من 7 آلاف عام على بنائه.
معبد قصر قارون
يُعد معبد قصر قارون من بين المعابد المتكاملة المتبقية، ويقع في نهاية الطرف الشمالي من مدينة الفيوم بالقرب من بحيرة قارون، ويعتبر المركز الديني للمدينة، حيث كُرس لعبادة المعبود سوبك والمعبود ديونيسيوس الإغريقي، مر المعبد في بنائه بمرحلتين أساسيتين؛ الأولى من العصر البطلمي وتُمثل البنية الأساسية للمعبد المكونة من ثلاثة طوابق، والثانية من العصر الروماني وتمثل مراحل الإضافة على المعبد، يتخذ المعبد شكل المستطيل بمحور شرق غرب، ويبدأ في الجانب الشرقي، ويتكون من صالتين كبيرتين تؤديان في نهايتهما إلى قدس الأقداس الذي يتكون من ثلاث مقاصير.
ومعبد قصر قارون قد بُنى خصيصاً لعبادة الإلهين "سوبك" و"ديونيسيوس" إله الخمر والحب عند الرومان، وأشعة الشمس تتعامد على المقصورة الرئيسية واليمنى فى قدس الأقداس فقط، المعبد تم تصميمه بحيث لا تتعامد الشمس على المقصورة اليسرى التى كانت تضم الإله "سوبك" وهو "التمساح"، حيث كان معبود الفيوم فى العصور الفرعونية، موضحاً أنّه تم وضعه فى تلك الغرفة بالتحديد حتى يبقى دائماً فى الظل، ولا يتعرض للشمس نظراً لأنّهم كانوا يعتقدون أنّ الشمس تشرق على الأحياء فقط، ومومياء "سوبك" كانت فى العالم الآخر وإذا تعرضت للشمس ربما تفسد أو تتأذى.
تسمية معبد قارون
المعبد مكرس لعبادة "سوبك" حتى سادت عبادته فى الإقليم، ثم دمجوه مع إله الشمس "رع" وأسموه "سوبك رع" وخصصوا المعبد لعبادته. المعبد كان يسمى معبد "لإله سوبك" إلا أنّه مع العصور الإسلامية تم تغيير الاسم إلى معبد "قصر قارون" لقربه من بحيرة قارون، نافياً أنّه ليس للتسمية علاقة من قريب أو بعيد بقصر قارون الذى ذُكر فى القرآن الكريم، وأنّ التسمية ترجع نسبةً إلى بحيرة قارون.