فى قلب مدينة البندقية برز اسم واحد ارتبط بها، كما ارتبطت الألوان باللوحة، تيتيان أو تيتسيانو فيتشيليو "1488 – 1576"، لم يكن مجرد رسام عادى، بل عبقرى أعاد صياغة ملامح الرسم الأوروبى لقرنين كاملين بعده، حتى صار "سيد الألوان" وزعيم مدرسة البندقية الفنية بلا منازع، وفى ذكرى رحيله الـ449، نستعيد مسيرة فنان مزج بين الأسطورة والروح، وبين ملامح البشر وقوة الطبيعة، ليمنح العالم لوحات لا تزال حية حتى اليوم.

تيتيان
أعماله حازت على إعجاب الملوك
ولد تيتيان فى بلدة صغيرة تدعى بيف دى كادور قرب البندقية، وسرعان ما انتقل فى طفولته إلى المدينة العريقة ليتتلمذ على أيدى كبار الرسامين هناك، من بينهم جنتايل بليني وشقيقه جيوفانى بلينى، قبل أن يصبح قريبًا من الفنان الشهير جيورجونى الذى فتح له أبواب الشهرة، سرعان ما أثبت موهبته، حتى أصبحت أعماله مطلوبة لدى الباباوات وملوك أوروبا، ومن بينهم الإمبراطور شارل الخامس، وفيليب الثانى ملك إسبانيا، والملك الفرنسى فرانسوا الأول.
لكن حياته لم تكن خالية من الألم، فبعد رحيل زوجته عام 1531م، وجد نفسه أبًا لطفلين وابنة وحيدة، "لافينيا"، التي تحولت إلى ملهمة فنية وظهرت فى عدد من لوحاته الشهيرة المعروضة اليوم فى برلين ومدريد ودريسدن.
كان تيتيان بارعًا فى استخدام اللون، خاصة درجات الأحمر المائلة إلى الذهبى، التى أصبحت معروفة حتى اليوم باسم "حمرة تيتيان"، فنجد لوحاته جمعت بين المشاهد الدينية والأسطورية والبورتريهات المهيبة للنبلاء والأسر المالكة، لكنه كان يعرف كيف يضفى عليها بعدًا إنسانيًا عميقًا من خلال ملامح الوجه ونظرات العيون والإيماءات البسيطة.
أبرز أعمال تيتيان
من أبرز أعماله التى تركت أثرًا خالدًا لوحة اغتصاب أوروبا "1562" التى جسدت الأسطورة الإغريقية بلمسة إنسانية قوية، وظلت مرجعًا للفنانين من بعده، لم يقتصر تأثيره على عصره فقط، بل ألهم عمالقة مثل "رامبرانت وبيتر بول روبنز"، اللذين وجدوا فى أسلوبه مدرسة قائمة بذاتها.

رفع السيدة مريم
ومن أبرز أعماله أيضًا: "الحب المقدس والحب المدنس، رفع السيدة مريم، فينوس أوربينو، عملية الدفن، الحورية والراعي، والقديس يوحنا المعمدان"، وغيرهم الكثير.
فى سنواته الأخيرة ظل يعمل بلا كلل، حتى رحل عن عالمنا في عام 1576 بمدينة البندقية، تاركًا خلفه إرثًا جعل منه أحد أعظم رسامى عصر النهضة، ورجلًا لا تزال ألوانه تضيء قاعات المتاحف حول العالم.

القديس يوحنا المعمدان لوحة لتيتيان