واستكمالاً لمصر البطلمية، فقد قامت بالإسكندرية حضارة إغريقية مصرية عظيمة تمثلت فى جامعة الإسكندرية (القديمة).
بنيت مدرسة الإسكندرية الجامعة (دار الحكمة)، والتى جمعت فيها العلوم المعروفة فى ذلك العصر من رياضيات وفلسفة وطب وآداب وطبيعة وجغرافية وفلك، وجلب إليها طائفة من علماء الإغريق (اليونانيين).
وكانت الدراسة فيها باليونانية، واشتهرت الجامعة بدراسة الطب خاصة التشريح والجراحة، ومن أشهر العلماء فى جامعة الإسكندرية إقليدس عالم الهندسة، وبطليموس الجغرافى، ومانيتون المؤرخ المصري·
مكتبة الإسكندرية وأثرها الثقافى
أنشأ البطالمة فى الإسكندرية مكتبة ضخمة كانت تعد أعظم مكتبة فى العالم احتوت على أكثر من نصف مليون لفافة بردى، حيث أمر البطالمة أن يهدى كل زائر من العلماء لمدينة الإسكندرية نسخة من مؤلفاته وبذلك وصل عدد الكتب بالمكتبة لأكثر من 700 ألف كتاب·
عمل البطالمة على احترام ديانة المصريين وقدموا القرابين للمعبودات المصرية، وشيدوا لها المعابد مثل معبد إدفو ومعبد دندرة ومعابد فيلة بأسوان، وكان البطالمة يظهرون فى الحفلات الرسمية بزى الفراعنة.
ضم بطليموس الأول إلى مصر عددا من الملحقات وهى برقة، جنوب سوريا، فينقيا، فلسطين وقبرص.
ولا شك أن مصر من المفترض أو حسب تطلعات المحتل الجديد قد تحولت منذ الفتح المقدونى لمملكة هلينيستية، إلا أنها كانت ذات هوية صلبة لا تتبدل، وبلدًا يعتز بحضارته وموروثاته الثقافية وقيمه ومعتقداته الدينية وتقاليده وأعرافه العتيقة.
وعلى الرغم من قدوم فئة كبيرة من الأجانب، إلا أنهم كانوا أقلية بالنسبة إلى أهل البلاد، الذين استمروا يعيشون على نحو ما كانْ يعيش أجدادهم من قبل.
أهم آثار البطالمة فى مصر
"معبد دندرة"
والذى يعد من أروع فنون العمارة فى عصر البطالمة، فقد امتد حول المعبد جدار خارجى، ومن الناحية الشمالية يتوسطه باب المعبد الذى يؤدى إلى فناء لا سقف له.
وراء الفناء توجد صالة الأعمدة الكبرى وهى قاعة تمتاز بمساحتها الكبيرة وسقفها الذى يحمل 24 عمودًا ضخمًا وتصل الستائر إلى نحو منتصف ارتفاع الأعمدة، وتحمل هذه الستائر إفريزاً ضخمًا يزينة قرص شمس بجناحين.
معبد إدفو
معبد إدفو كبقية المعابد الفرعونية له بوابة مصرية التصميم، لكن لا يوجد أمام الباب أى تماثيل ضخمة أو مسلات، وتتزين البوابة بزخارف تقليدية، تظهر فى أعلاها المناظر الدينية المختلفة.
تقود البوابة إلى فناء يحيط بجانبيه جدران، ويوجد فى المدخل دهليز بأعمدة تحمل رؤوسًا من طرازى النخيل وزهرة اللوتس، وكل رأس من الرؤوس المركبة له ناقوس مزين بأزهار وأوراق النباتات.
لوحة منديس التذكارية
من أهم الآثار التذكارية التى أقامها «بطليموس الثاني» اللوحة المعروفة باسم لوحة «منديس»، وقد عُثِر عليها فى معبد تيس «منديس» المقدس، وهى محفوظة الآن بالمتحف المصرى، وقد صُنِعَتْ من الحجر الرملى، ويبلغ ارتفاعها 1.47 مترًا وعرضها 78 سنتيمترًا.
لوحة «بتوم» تل المسخوطة
تم العثور على لوحة للملك «بطليموس» الثانى فى بلدة «بتوم» القديمة، المعروفة الآن باسم «تل المسخوطة».
صُنِعت هذه اللوحة من الجرانيت الرمادى، ويبلغ ارتفاعها 1.28 متر وعرضها 0.98 مترًا، وهى محفوظة الآن بالمتحف المصري،
- ومن أهم ملوك دولة البطالمة فى مصر:
* كليوباترا السابعة (51– إلى 30 قبل الميلاد)
وهى واحدة من أشهر ملكات العالم القديم على الإطلاق، وإحدى أشهر ملكات مصر عبر تاريخها الممتد، إذ شهدت حقبة من أهم الحقب الزمنية فى تاريخ مصر، يؤكد الكثير من المؤرخين أنها كانت آخر ملوك العصر البطلمى، وبعد نهاية حكمها دخلت مصر عصر جديد بدخول الرومان.
كليوباترا السابعة، بجانب كونها واحدة من أشهر ملكات التاريخ، فهى أيضا من أكثرهن إثارة للجدل، ودائما ما يحمل الحديث عنها بعض الأخطاء والمبالغات، خاصة فيما يخص شكلها ولون بشرتها، ولكن كيف وصلت كليوباترا إلى الحكم وكيف استطاعت، أن تكون على اتصال بكبار رجال السياسة والحكم فى العالم وقتها، وبسببها تقوم واحدة من أشرس المعارك فى التاريخ؟
وحسب كتاب "كليوباترا" فإن بداية وجود الملكة كليوباترا السابعة فى الحكم كانت عندما أعطى لها والدها بطليموس الثانى عشر لقب المحبة لأبيها، بصفتها وريثته الشرعية، وقبل أن تصل إلى الحكم بشكل رسمى فى عام 51 قبل الميلاد تُوفى بطليموس الثانى عشر، تاركًا مصر لكليوباترا السابعة وابنه الأكبر بطليموس الثالث عشر.
قيل مؤخرًا إن كليوباترا ربما حكمت وحدها لأول سنة عقب وفاة والدها، كما يوجد اعتقاد بأنه لم تُعقد مراسم حفل زواج رسمى بين بطليموس الثالث عشر وأخته، وأن الاثنين حكما معًا فحسب.
ويوضح الكتاب أن اسم كليوباترا فى بداية حكمها كان يأتى بعد اسم أخيها؛ مما يشير إلى أنه كان الحاكم المسيطر، فى الوقت ذاته كان بطليموس الثالث عشر قد حصل على ثلاثة أوصياء جدد؛ بوثينوس وأخيلاس وأحد معلميه، ثيودوتوس من خيوس، وهى المجموعة التى خططت بدورها لإقصاء كليوباترا عن الحكم، وهو ما تحقق بالفعل عام 49 قبل الميلاد، إذ تم أعلان بطليموس الثالث عشر الحاكم الوحيد لمصر.
لكن يبدو أن هذا الأمر لم يدم طويلا بعدما تدخل قيصر روما، بعد زيارة الإسكندرية، وبصفته مشرفا على تنفيذ وصية بطليموس الثانى عشر والدهما، طالبها بضروروة تسريح قواتهما وتسوية الخلافات من خلال عرضها عليه والحكم فيها بدلا من تسويتها باستخدام القوة، وهو الأمر الذى لم يدم أيضا طويلا بموت بطليموس الثالث عشر لتعود كليوباترا إلى العرش مع أخيها الأصغر بطليموس الرابع عشر.
تعد كليوباترا السابعة آخر حكام الأسرة البطلمية التى حكمت مصر القديمة، حيث كانت ملكة ذكية وسياسية محنكة من الطراز الأول، ونجحت فى أن تجعل مصر تعيش حالة من السلام والازدهار، لكنه لم يدم طويلًا خاصة بعد أن قررت أن تضع حدًا لحياتها فأقدمت على الانتحار.
لتسقط دولة البطالمة بمصر ويبدأ العصر الروماني.