خالد عزب

المخزنجى ونللى حنا.. غابا عن جوائز الدولة

الأحد، 13 يوليو 2025 11:13 ص


كثيرا ما تفتقد جوائز الدولة المصداقية فهى تمنح لأسباب لا علاقة لها بالجدارة أو الإبداع، فشبكة العلاقات هى التى تحكم فى أغلب الأحيان منح هذه الجوائز، وهذا لا ينفى أن هناك ترشيحات لأسماء تستحق نيل هذه الجوائز، لكن فى النهاية التمحيص والتدقيق ومنح الجوائز فى حاجة ماسة إلى المراجعة ليس من قبل المجلس الأعلى للثقافة فقط ولكن أيضا من الجهات التى ترشح للجوائز أيضا، فهناك شبهات مجاملة تشوب هذه الترشيحات، لذا فإن عددا كبيرا من الرواد ممن يملكون عزة النفس والاعتداد بالذات لا يسعون إلى من يرشحون لكى ينالوا حظوة الترشيح، ومن هؤلاء الدكتور محمد المخزنجى أحد رواد القصة القصيرة المعاصرين، ومن رواد تبسيط العلوم فى صورة سلسه أدبية.

ولد الدكتور المخزنجى فى مدينة المنصورة عام 1950 وهو طبيب متخصص فى الصحة النفسية، ترك الطب وعمل فى الصحافة فى مجلة العربى الكويتية، ثم عاد إلى مصر ليتفرغ للكتابة، يكتب مقالات فى عدة صحف، وله قراؤه الذين يتابعون كتاباته فى كل الدول العربية، فرشاقة أسلوبه وتدفق أفكاره جعلا مقالاته وقصصه تشد القراء، ولذا فهو نقطة تحول هامة فى تاريخ القصة القصيرة العربية، فهل هذا المثقف والأديب يستحق عن جداره جائزة النيل؟ نعم، ولأنه لا يتملق أحدا فلم يرشحه أحد، وهنا لابد للمجلس الأعلى للثقافة أن يراجع هذا الأمر.

والأمر ذاته ينطبق على الدكتورة نللى حنا التى قدمت الكثير، فرغم كونها قبطية وتعمل فى الجامعة الأمريكية إلا أنها مثلت مدرسة أكاديمية محايدة فى دراسة مصر فى العصر العثمانى فقدمت الطبقة الوسطى والتعليم وثقافة المجتمع بصورة غير مسبوقة وبرواية مناقضة للرواية التقليدية للمدراس الاستشراقية.

 

ولدت الدكتورة نللى حنا عام 1942، وعبر عمر مديد نشرت كتبا وأبحاث باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، ودرست فى جامعتى هارفارد فى الولايات المتحدة وواسيدا فى اليابان .

فهل هذه الأستاذة العظيمة لا تستحق جائزة النيل، ومن يرشحها فى مصر لا أحد حتى الجمعية المصرية للدراسات التاريخية تجاهلت ترشيحها، وهو ما فعلته أيضا بتجاهلها ترشيح الدكتور عماد أبو غازى لجائزة النيل، على الرغم من شهادة الجميع له بأنه مؤرخ مرموق ونضج فى السنوات الأخيرة فقدم لنا العديد من الكتب التى أعادت تشكيل رؤيتنا لتاريخ مصر المعاصر، ولأنه إنسان يتميز بدماثة الخلق وتمسكه بالمبادئ بل بقدرته على تقديم العون لمساعدة الغير بلا حدود فهو أب لعدد كبير من الباحثين الذين تربوا علميا على يديه.

بل إن التجاهل طال عددا كبيرا من المبدعين والعلماء والمفكرين خارج القاهرة، فكلنا نقدر الأديب السكندرى مصطفى نصر الذى يعيش فى الإسكندرية ومنها قدم رواياته، وقدم قصصا قصيرة، وترجمت بعض أعماله للروسية والإنجليزية، بل وتحولت إلى إنتاج درامي، مصطفى نصر مبدع من طراز فريد لم يرشحه أحد لجائزة الدولة التقديرية ولا لجائزة النيل.

كم من مبدع ومفكر وفيلسوف فى مصر مات دون أن يقدر، بل هناك من يعيش بيننا ولا يقدر، فهل يستحق الدكتور أحمد سالم أستاذ الفلسفة فى جامعة طنطا جائزة الدولة التقديرية، نعم بلا أدنى شك، فهل يستحق الدكتور عاطف معتمد أستاذ الجغرافيا فى جامعة القاهرة جائزة الدولة التقديرية، نعم بلا أدنى شك، لكن مثل هؤلاء وغيرهم فى كافة ربوع مصر، لا يجرون وراء الجوائز، وعلينا أن نحفظ عزة وكرامة هؤلاء، بل يجب على من يرشح ومن يمنح الجوائز أن يبحث عن هؤلاء لأنهم القيمة الحقيقة التى تستحق التقدير فى هذا الوطن.

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب