عصام محمد عبد القادر

سياسات حزبية وطنية

الثلاثاء، 24 يونيو 2025 11:39 ص


من المنطقيّ أن تعزّز الأحزاب السياسية ثقافة منتسبيها حول ماهيّة المواطنة الصالحة، وتعضّد صورة الهويّة الوطنيّة، وتدعم المصالح العليا للوطن؛ ومن ثمّ تصبح الثقافة السائدة لأجندتها موجّهة نحو إكساب المواطن المنْعة ضد ما يُحاكُ له من إحداث فجوة عميقة بينه، وبين كيانات الدولة، والقائمين على إدارة شئونها؛ كي تضعف العلاقة بين الجميع، ويصبح البديل هو صدْعٌ في بنيان تقع لبناته على رؤوس قاطنيه.

قوى الشَّر لها مأرب واضح، يتمثل في إضعاف الهويّة المصريّة في نفوس شباب مصر الواعد؛ ليسعى باحثًا عن بدائل تفي باحتياجاته؛ ومن ثم يضلُّ الطريق، ويسقط في هاوية سحيقة، في خضمّ جدال حول مفاهيم مغلوطة، تستهدف تشويه الفكر، وتقويض نظرة الأمل، والتفاؤل نحو ملامح مستقبل مشرق، وهذا ما يؤدي إلى إعادة تشكيل الرؤى؛ لتخدم أصحاب المشاريع بمختلف توجهاتهم، وبناءً على ذلك فإننا لا نجد للوطن مكانة في القلوب، ولا نجد للأمن، والأمان منْزع قوس.

الأحزاب السياسيّة المصريّة تتبنى سياسات نصفُها بالوطنيّة؛ حيث إن الثقافة المصرية بجذورها، وما خلّفته من إرثٍ ضخْمٍ، قد استوعب ثقافات العديد من الأمم، ولم تمتزج، أو تنفتح، أو تُصابُ بعطب، أو تتأثَّر بها، بل، قد أثَّرت فيها، وتركتْ علاماتٍ في مكْنونها؛ فالعالم بأسره قد أدرك ماهيّة ثقافتنا جرّاء مواقف، ومطالعة، وزيارات وأحداث متلاحقة، ظهرت في خضمّها ملامح ثقافة عريقة تحمل في طياتها الأصالة، والمعاصرة في آنٍ واحد.

السياسات الوطنيّة تحصّن المجتمع من فقْد أغلى ما يمتلك، وهو هويّته، وقوميّته، التي تتضافر جهود المخربين من أجل تفكيكها، أو إضعافها، أو النَّيل منها، وهذا ما تمَّ العمل به مع دول عدة، قد غرقتْ في بحور الطائفيّة، والصراعات المذهبيّة، بل، قد فضّلتْ الجماعات، ومآربها على غايات الوطن العليا؛ فذابتْ أنسجة الوطنية بدماء قد أريقتْ دون شفقة، أو رحمة، أو وجه حق؛ لذا تتمسّك أحزابُنا السياسيّة بماهيّة الوطنيّة، كونها سفينة النجاة، التي تبْحُر في محيط، يموج بصراعات عاتية، ونزاعات قد أضحت مستدامة، لا تهدأ.

الانتماء السياسيّ في عُرْفِنا المصريّ، لا يمسُّ بحال من الأحوال ماهيّة الهويّة، التي قد استقرتْ في الوجدان الجمعيّ؛ فصارت اتصافًا، لا يزول بمتغيرات، وتحديات، وأزمات، بل، نرصد قوّته في اصطفاف شعبيّ، ومؤسسيّ، وحزبيّ قد أبهر العالم بأسره؛ فأدرك العدوُّ أن بلادنا صعبة المنال، وأن ثقافته التي قد توارثها دالَّةٌ على سلوك أجياله؛ ومن ثم تكمن قمّة أولويات هذا الشعب العظيم في لُحْمته، وتماسك نسيجه من أجل وطن قد سكن، واستقر في الأفئدة.

سياسات الأحزاب الوطنيّة زاخرةٌ بأفكار ملهمة، تدور حول ماهيّة الإعمار، وفلسفة البناء في شتّى المجالات التنْموية؛ لذا فإنها تُشكِّل في مجملها رؤى موحدَّة تجاه نهضة تستحِقُّها بلادنا، ويُبْذلُ من أجلها جهودٌ مضْنية على كافة المستويات؛ فحضارتنا الغائرة قد بُنيتْ على أكتاف أبطال سطّر التاريخ لهم ملاحم، تتدارْسُها الأجيالُ عبر مرّ الزّمان، وذلك التاريخ يعيد نفسه من قيادة سياسيّة حكيمة، قد حملتْ على عاتقها همومَ هذا الوطن، وأضحى استكمال إعماره، والمُضيّ نحو تنْميته، ورُقيّه، وازدهاره بكل قُوّة؛ فمن يرصدْ إنجازات هذا الوطن العظيم في الفترة الأخيرة، فسوف يجد ما يشرح صدْره.

أعتقد أن لغة الخطاب المصريّ قد أضحى موحدًا، وتِلقائيًّا تجاه مصالح الوطن العليا؛ فالجميع لا يحاول إلا أن يضيف إلى رصيد التنمية، وفي القلب من ذلك أحزابُنا السياسيّة، التي تزخر بأصحاب رؤى طموحة، يحملون على عاتقهم مسئوليّة جسمية، تتمثل في خدمة هذا الشعب العظيم، الذي يسْتحقُّ أن يعيش حياة كريمة، مفعمة بالأمن، والأمان، والاستقرار تحفُّ أركان وطنه بوادر التنمية، التي تحقق الرخاء، والرفاهية لأبناء الوطن قاطبةً.

السياسة تكشف عن منهجيّة الدولة في بناء العقول، وتحاول الأحزابُ أن تترجمَ ذلك بممارسات على أرض الواقع؛ وذلك من خلال ما تقدّمه من خِدْمات، تتضمنها برامجها، وهنا نتحدث عن تنمية لأنماط من الوعي الصحيح، تجاه كافة القضايا، التي تهمُّ الوطن، وتعنى بآليات بناءه، فالفكر الرشيد، والأيد النقيّة، والوجدان الراقي، ما هي إلا أدواتُ بناء هذا البلدِ الأْمينِ.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب