فيسبوك
واتساب
في كل عام، تأتي الأيام الوترية في العشر الأواخر من شهر رمضان كأنها لحظات سحرية، محملة بعبق الإيمان وتفتح الأفق لأرواحنا في رحلة بحث عن البركة والرحمة.
هي أيام تتناثر فيها الأمل، وتنساب خلالها دعواتنا كالأنهار، تبحث عن تلك اللحظة الفارقة، تلك الليلة التي قد تكون "ليلة القدر".
ما أروع أن تكون الأرواح في هذه الأيام كالعصافير، تحلق بحثًا عن السكينة، وبينما تكتظ السماء بأدعية المؤمنين، يظل السؤال يدور في الفضاء: "هل هي الليلة؟".
ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن، هي ليلة لم تخلق في العوالم لتكون مجرد لحظة عابرة، بل هي نقطة التقاء بين السماء والأرض، حيث تشرق الأنوار وتغسل الذنوب، فيغمر القلب ضوء الأمل ويغني الروح عن كل ما يشوبها.
الليالي الوترية تحمل في طياتها توجيهًا غامضًا، وتحفز في داخلنا المعاني العميقة للصلاة والتأمل، هناك، حيث يرتفع صوت الدعاء، ويصبح اللسان بليغًا بما لا يوصف، كل كلمة تُكتب وتُذكر كأنها شهادة على شوقنا للوصول إلى تلك اللحظة المقدسة.
هذه الليالي هي فرصة للمسلم كي يتسلق سلم السماء، يطلب المغفرة ويؤمن بأن لحظة واحدة يمكن أن تغير مصيره.
في هذه الأيام، يتضافر الزمن والمكان، حيث لا يُقاس الوقت إلا بالذكر والتسابيح، كل ليلة تظل تتأرجح بين الشك واليقين، ما يجعلها أكثر قداسة، وأكثر طلبًا للعبادة.
بين صلاة التراويح، والتفرغ للذكر، تتكامل الصورة، فيأتي الدعاء بأسمائه الحسنى، وتكتمل الرحلة الروحية التي تبدأ من خشوع القلب وتنتهي بدموع من الشوق والرجاء.
إذن، هي دعوة للجميع، لنكمل هذا المسعى، ونتحرى معًا ليلة القدر في العشر الأواخر، لأننا في النهاية لا نعرف أي لحظة ستكون المفصلية، لكننا على يقين بأن الله، في رحمته الواسعة، سيستجيب.
