عودة إلى الحوار الوطنى وعودة الجلسات المشتركة بين أمانة الحوار والحكومة، والحديث عن تفعيل أدوات التواصل بين الطرفين، وتنفيذ التوصيات والمخرجات خاصة التى تتعلق باستحقاقات سياسية.
وعلى مدى شهور انتهى الحوار خلال جلسات إلى وضع تصورات وأفكار نتاج مشاركات متنوعة لأطراف سياسية أو خبراء، عكست تنوعا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ومن البداية وطوال انعقاد الحوار استجاب الرئيس عبدالفتاح السيسى لتوصيات الحوار فيما يتعلق بالإشراف القضائى وقانون المعلومات ومفوضية مواجهة التمييز والمجلس الأعلى للتعليم وقوانين الوصاية وغيرها، ووجه الحكومة بالسعى لتنفيذ توصيات ومخرجات الحوار.
بالفعل كان الرئيس أكثر من استجاب للتوصيات مباشرة فى كل ما يدخل فى سلطاته، وأحال الباقى إلى المجالس المختصة للتعامل معه ودراسته وإقراره بعد ذلك.
وبناء على التعليمات عقد رئيس الوزراء لقاءات مع أمانة الحوار وأعلن تشكيل لجنة تنسيقية تضم ممثلين عن مجلس الوزراء، ومسؤولى الحوار الوطنى، بهدف متابعة تنفيذ التوصيات، وربما يكون على الحكومة وأمانة الحوار ألا ينتظروا توجيهات ويسعون لبناء آليات تتجاوز مرحلة الاجتماعات، والبيانات، خاصة مع وجود وزارة على رأسها المستشار محمود فوزى، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسى، وهو طرف مشترك بين الحوار والحكومة، وهو ما يجعله قادرا على رؤية الصورة كاملة، بجانب ما يحظى به من قبول يسهل هذا الأمر.
نقول هذا لأن تكرار الاجتماعات والبيانات التى تصدر عنها تفقد البعض حماسهم، فى وقت يمثل هذا الأمر حاجة ملحة لاستغلال جسور الثقة التى أتاحها الحوار، وما أسفر عنه من توصيات تصلح قاعدة للبناء عليها، خاصة أن إطلاق الحوار الوطنى كان خطوة مهمة ومبادرة من الرئيس تعكس إدراكا لحاجة المجتمع أن يبنى مزيدا من الجسور بما يمكن من إدارة التنوع فى المجتمع، واستعادة وحدة تحالف 30 يونيو، وتوسيع المجال العام فى السياسة والإعلام بما يتناسب مع حجم وأداء الدولة بعد إغلاق صفحة الإرهاب، وظهور أنواع من التحديات فى الاقتصاد والتحولات الإقليمية والدولية تتطلب اصطفافا للجميع.
وقد عكست التحديات الأخيرة حول تهجير الفلسطينيين ورفض مصر الحاسم توحدا من كل الأطراف حتى هؤلاء الذين يحملون وجهات نظر مختلفة، وهو ما تكرر فى مواقف سابقة بما يكشف عن فرز للتيارات الوطنية داخل التنوع، ثم إن إطلاق الحوار الوطنى يعكس أهمية توسيع المشاركة السياسية وجذب فئات متنوعة من المجتمع نحو العمل العام، والمجالس الشعبية المحلية والنيابية، وهو ما يتطلب تعديلات تشريعية وخطوات عملية نحو التفاعل مع التوصيات السابقة حتى لا تتراكم التوصيات ويصبح من الصعب التفاعل معها.
وربما تكون هناك حاجة إلى خلق مسارات وسط انشغالات الحكومة بشكل يفتح آلية للتعامل اعتمادا على السوابق، وتجاوز مرحلة إطلاق لجان تنسيقية وجلسات مكررة، خاصة أن هناك إدراكا لدقة التوقيت، دفع أمناء الحوار الوطنى، كما قال ضياء رشوان، لتخصيص جلستين لمناقشة ملفات الأمن القومى، تواكبا مع التطورات الأخيرة، والتحديات السياسية الآنية، خاصة ما يتعلق بملف غزة، ورفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، وقد أكد المستشار محمود فوزى، أهمية زيادة الوعى فى هذه الفترة التى تتسم بسرعة الأحداث، خاصة السياسية، التى ترتبط بالأمن القومى مع ضرورة وضع سيناريوهات للتحرك فى مختلف الأحداث، التى تتعامل مع الأخطار المختلفة.
هناك إدراك لدقة التوقيت وأهمية وجود سيناريوهات وخطوات للتعامل مع التحديات، وفى أبريل المقبل يكمل الحوار الوطنى 3 سنوات، ويفترض أن تجرى عملية مراجعة لما تم التوصل إليه، وما يحتاجه الواقع من مسارات وآليات تتجاوز نقطة الدوران حول الذات إلى فعل يمكن للمواطن أن يشعر به، وأن تكون هناك روافد لمناقشة الموضوعات وإشراك المجتمع السياسى والأهلى والخبراء، فى مناقشة القضايا المتنوعة، لتوسيع المجال العام وخلق جو إيجابى للعمل المشترك.

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة