جاءت خطوة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد جهود مضنية وحثيثة من الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبالتنسيق والتعاون مع دولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية، لتكون أول الغيث في إعادة الهدوء لقطاع غزة الذي دمره الاحتلال الإسرائيلي ودمر بنيته التحتية ومنشآته ومدارسه ومستشفياته.
لذلك يجب أن يكون الشاغل الشاغل الآن هو تثبيت وقف إطلاق النار واستدامته، وأن يتم إعادة إعمار قطاع غزة من جديد لتعود الحياة إلى الأشقاء الفلسطينيين الذين يعانون من كارثة إنسانية، فكيف حالهم الآن بعد وقف إطلاق النار والعودة إلى منازلهم المدمرة، وكيف حال الأطفال الذين انهارت مدارسهم بسبب العدوان الإسرائيلي، وكيف حال المرضى الذين يبحثون عن مستشفى تعالجهم ولا يجدوا؟، وكيف حال من يبحث منهم عن المأكل والملبس والمياه والخدمات والمرافق؟!.
هنا المجتمع الدولي يجب أن يتوقف عن صمته وموقفه المتخاذل تجاه الشعب الفلسطيني الشقيق، إنهاء هذه المعاناة الإنسانية مسئولية العالم أجمع والمنظمات والمؤسسات الدولية، يجب أن ينتفض العالم الآن من أجل إعادة إعمار غزة، وعلى الدول الغربية الكبرى التي دعمت الاحتلال الإسرائيلي أن تساهم في إصلاح ما ساعدت وساهمت في تخريبه وتدميره، هناك ضرورة ملحة الآن لوضع خطة عاجلة لعملية شاملة لإعمار قطاع غزة، فهل سيتحرك المجتمع الدولي ويستجيب لدعوة جمهورية مصر العربية وبعض الدول لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة؟، نحتاج إلى خطوات سريعة وعاجلة، هذا نداء لكل من يتغنى بشعارات الدفاع عن حقوق الإنسان في المجتمع الدولي كافة، أين أنتم وأين مساهماتكم في تخفيف معاناة أهالي غزة؟.
فالجميع بادر بالترحيب بالتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والمحتجزين، والإشادة بالجهود التي قامت بها كل من مصر وقطر والولايات المتحدة في إنجاز هذا الاتفاق، ويجب أن يتم دعم الجهود المبذولة من قبل الدول الثلاثة لضمان تنفيذ الاتفاق بكامل مراحله وبنوده، وصولاً للتهدئة الكاملة، والتأكيد على أهمية استدامة وقف إطلاق النار، وبما يضمن نفاذ الدعم الإنساني إلى جميع أنحاء قطاع غزة وإزالة جميع العقبات أمام دخول كافة المساعدات الإنسانية والإيوائية ومتطلبات التعافي وإعادة التأهيل، وذلك بشكل ملائم وآمن، وهو ما أكد عليه وزراء الخارجية العرب الذين اجتمعوا بدعوة من مصر منذ أيام قليلة، ويجب على المجتمع الدولي أن يدعم ذلك بقوة.
العمل على تثبيت واستدامة وقف إطلاق النار وتنفيذ كل مراحل الاتفاف الخطوة الأهم الآن، بالإضافة إلى ضرورة دعم جهود الدولة المصرية لإنفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية في قطاع غزة وتذليل المعوقات التي تواجه ذلك، وكذلك يجب التأكيد على ما جاء بيان وزراء الخارجية العرب بأن يتم انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل والرفض التام لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة، والعمل على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في قطاع غزة باعتباره جزءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبما يسمح للمجتمع الدولي بمعالجة الكارثة الإنسانية التي تعرض لها القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي.
هناك أهمية وضرورة لتضافر جهود المجتمع الدولي للتخطيط وتنفيذ عملية شاملة لإعادة الإعمار في قطاع غزة، بأسرع وقت ممكن، بما يُسهم في تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين من سكان القطاع على أرضهم، ويعالج مشكلات النزوح الداخلي، وحتى الانتهاء من عملية إعادة الإعمار.
وندعو المجتمع الدولي إلى الاستجابة والترحيب باعتزام مصر بالتعاون مع الأمم المتحدة، استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، ويجب مناشدة المجتمع الدولي والمانحين للإسهام في هذا الجهد، لتكون هناك خطة عاجلة لإعمار غزة، وأن يكون ذلك داعم كبير لحقوق الشعب الفلسطيني الشقيق وتمسكه بالبقاء في أرضه ورفض المخطط الصهيوني لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، كما يجب استمرار الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة وفقاً للقانون الدولي، وتأكيد رفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت اي ظروف ومبررات، بما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.
وأثني هنا على الجهود الدبلوماسية الكبيرة التي تبذلها الدولة المصرية لوقف النزاعات والصراعات في المنطقة، والتي تبدأ بحل هذه الأزمة، لذا على المجتمع الدولي لاسيما القوي الدولية والاقليمية، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الضغط من أجل بدء التنفيذ الفعلي لحل الدولتين، بما يضمن معالجة جذور التوتر في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال التوصل لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك تجسيد الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وفي سياق وحدة قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وخطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧.
ولا بد أن يتكاتف المجتمع الدولي لتعزيز استتباب الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، واستئناف الجهود الرامية للتوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وفقًا لمقررات الشرعية الدولية.