مثلما كانت مصر حاسمة فى موقفها الرافض لمخططات التهجير من غزة أو غيرها، فهى أيضا تعلن بوضوح رفض أى أطروحات أو مقترحات تلتف حول ثوابت الموقف المصرى والعربى، والأسس السليمة للتعامل مع جوهر الصراع، التى تتعلق بانسحاب إسرائيل من الأراضى الفلسطينية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مثلما جاء فى بيان الخارجية الذى أكد أن هذه الاقتراحات أنصاف حلول وتُسهم فى تجدد حلقات الصراع بدلا من تسويته بشكل نهائى.
وشدّد السفير تميم خلاف، المتحدث باسم الخارجية على الارتباط العضوى بين قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية باعتبارها أراضى فلسطينية تمثل إقليم الدولة الفلسطينية المستقلة ويجب أن تخضع للسيادة وللإدارة الفلسطينية الكاملة.
جاء الرد المصرى تأكيدا لموقف واضح رافض للتهجير، ومع الدولة الفلسطينية، فى مواجهة محاولات التفاف وجريمة يرفضها المجتمع الدولى كله، باستثناء المتطرفين فى إسرائيل، بل حتى داخل الولايات المتحدة الداعم الأكبر للاحتلال، هناك رفض ودعاوى لسحب أى اعتراف بهذا الاقتراح أو غيره، وخلال الأسابيع الماضية قادت مصر والرئيس عبدالفتاح السيسى ومؤسسات الدولة جهودا متواصلة فى مواجهة اقتراح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب سيطرة أمريكية على قطاع غزة وتهجير سكانه ، وواجهت الالتفاف وما أطلقه يائير لابيد زعيم المعارضة أن تتولى مصر إدارة قطاع غزة للسنوات الثمانى المقبلة على الأقل، مقابل سداد ديون مصر، وهو اقتراح يحمل الكثير من الجهل بالدور المصرى التاريخى، وموقفها الحاسم من رفض تولّى الوصاية على القطاع، وركل أى من هذه العروض المنحطة.
ولا ننسى أنه بالتزامن مع تصريحات التهجير، لوحت صحيفة «جيروزاليم بوست» إسرائيلية بتهديد للرئيس عبدالفتاح السيسى، ونشرت صورته مع الرئيس الإيرانى السابق إبراهيم رئيسى، وهو تهديد فج بالاغتيال، بجانب تهديدات وتلويحات ، ذهبت أدراج الرياح على صخرة مصر القادرة دائما على رسم مواقفها، ووضع خطوط حاسمة، من الشعب المصرى، الذى لا يخشى التهديد ولا التلويح أو الإغراء.
ولا يعرف من يطرحون عروض التهجير أن الشعب المصرى وسط ما يواجهه من تحديات وأزمات اقتصادية كان أكثر شعوب العالم تقديما للمساعدات إلى غزة، ومن يعرف مصر وقيادتها وقواتها المسلحة، يعرف أنها قادرة على اتخاذ مواقفها بشكل مستقل، وأنها لا تخضع للتهديد أو التلويح أو الإغراء، وأن موقفها ضد مخططات التهجير بدأت مبكرا جدا، حين كانت مجرد إشارات وجس نبض، من الاحتلال الذى اتخذ «7 أكتوبر» ذريعة لشن حرب دمار، هدفها جعل الحياة فى غزة مستحيلة.
كانت كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ 13 أكتوبر 2023، وما بعدها، حاسمة فى مواجهة مخططات ، وعلى مدار شهور الحرب، واجهت مصر حروبا وأكاذيب، ولا نبالغ بالقول إن حرب مصر كانت أصعب، ولا تزال، فى مواجهة مخططات الاحتلال وحلفائه وأيضا تداخلات وتقاطعات إقليمية، تحاول استغلال القضية الفلسطينية لأهداف إقليمية أو سياسية، بينما مصر التى ترفض الصفقات تسعى لمصالحة فلسطينية تنهى الانقسام، وتفوت الفرصة على توظيف الانقسام لأهداف ومخططات خارج العقل، بل إن مصر انتبهت إلى مخططات الالتفاف الصهيونى، التى وظفت تنظيم العداء بدعاوى ومزاعم إنسانية لفتح المعابر بينما وقفت مصر ضد هذه المخطط، وصمدت على كل الجبهات، وشنت حروبها بكل احتراف، وتجاوزت فخاخا وتعاملت باحتراف مع أكاذيب وتحريض من قبل المتطرفين وأتباعهم، من جماعة «إخوان صهيون»، وتجار القضية.
ومثلما رفضت مصر صفقة، التلويح والتهديد أو البيع والشراء، للتهجير، وتقدم مسارات لإعادة إعمار غزة فى وجود أهلها، ومن دون تهجير، ترفض الحلول الالتفافية حول المشاركة فى إدارة غزة، وتتمسك بحل الدولتين وأن السلام أساسه الدولة الفلسطينية، حلا عربيا فى القمة وفى كل تحرك.

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة