الانتخابات دائما فوز وخسارة، هذه بديهية، والديمقراطية ليست كيس شيبسى أو ريموت كنترول، لكنها عملية تراكمية معقدة، تحتمل التربيطات والمناورات والخلافات والاختلافات، وهو كلام نقوله فى كل انتخابات بنقابة الصحفيين أو غيرها، ولا مانع أبدا من أن تكون مصحوبة بالكثير من الكلام والوعود، واستغلال نقاط الضعف لدى الخصم والمنافس، ولعل من تابعوا انتخابيات الصحفيين على مدى عقود، يعرفون أنه لم توجد دورة نقية أو خالية من المعارك، ولا يوجد مرشح مثالى خال من العيوب إلا فى إعلانات بيع السلع، هناك دورات شهدت تقديم مقابل أو مكاسب أو خدمات، أراض شقق موبايلات خطوط تليفون، الى آخر القوائم، وبعض من كانوا يجلبون هذه الخدمات كانوا يخسرون مرة، ويربحون أحيانا.
وكان هناك فى كثير من الأحيان مرشحون يخوضون الانتخابات من دون خدمات أو عطايا، وببرامج نقابية أو مهنية، بالرغم من أن التحديات الخاصة بالمهنة لم تكن بهذا العنف والضغط، حيث تلعب التكنولوجيا والاتصالات عنصر تحد يفرض على المهنة، كانت هناك أسماء مثل أمينة شفيق وصلاح عيسى وجلال عارف، ومجدى مهنا، وجلال عيسى، مع على هاشم وحاتم زكريا، وغيرهم، ودائما كانت هناك سباقات، وأحيانا تداخلات، لم تمنع من أن بعض من هؤلاء كانوا أصحاب قدرات على الإنجاز، وأن الناخب يذهب لإزاحة القائم وليس لاختيار الجديد، وهذا بمناسبة جروبات مواقع التواصل التى تزدحم بالكثير من الآراء، التى تعبر عن انحياز وهو أمر مشروع، بجانب نسب من المزاد والمزايدة، وأحيانا تغيب قواعد وأسس حوار قادر على إفراز نتائج.
هناك دائما اختلاف واسع فى برامج حول أولويات القضايا التى تتعلق بالمهنة والخدمات، هناك من يرى المعاشات واحدة من أهم القضايا حتى لو كانت تتعلق بزملاء خدموا المهنة، ويحتاجون للمساندة بشكل أكثر مما يطرح لدى المرشحين، وتبدو المساندة الحقيقية لهؤلاء الذين ربما رحلوا أو لا يملكون أصواتا فى الانتخابات، بالرغم من أن المرض والموت لا يتعلقان بالعمر، ولا بالشباب والشيوخ، لكنه خطر يهدد الجميع، ويحتم التحرك لحماية حقوق زملاء خدموا المهنة بإخلاص، البعض يأخذ هذه القضية بجدية، ويطرح حلولا قابلة للتنفيذ، وهناك أيضا قضايا تتعلق بالعلاج ومشروعه، ومدى القدرة على تلبية مطالب حقيقية، فى ظل ارتفاع الأسعار بشكل جنونى، وخروج عدد من المؤسسات والمعامل من الخدمة.
والخدمات أو البدل لا تعنى إهمال القضايا المهنية، الحريات والتوظيف، والتدريب، والمجال العام، وفى عصر السوشيال ميديا هناك ميزات والكثير من الضجيج، بعض جروبات مواقع التواصل تزدحم بالكثير من الآراء، بعضها تتحول إلى مزاد ومزايدة، تغيب فيها قواعد وأسس الحوار القادر على إفراز نتائج، والمزايدات والملاسنات من سمات «الافتراضى» الذى يتحقق بشتيمة أو بوستات السب واللطم، وهؤلاء كان يسميهم الأستاذ صلاح عيسى «الثعالب الصغيرة التى تفسد الكروم»، باعتبار أن هؤلاء غالبا عبارة عن مسامير تمزق من يمر بجوارها من دون فائدة، والثعالب تسقط حبات العنب من دون أن تأكلها.
أيضا فى كل انتخابات هناك مرشحون يبالغون فى طرح برامج خيالية، أقرب للفقرات الإعلانية، والبعض يقدم نفسه بوصفه الوحيد القادر على إنقاذ المهنة، وإسعاد الزملاء، والإتيان «بما لم يستطعه الأوائل»، وهى لعبة قديمة غالبا لا تمر على جمهور التواصل الطيب أحيانا، والذى يردد أحيانا مع توفيق الدقن «لما كل دول جايين ينقذوا المهنة.. مين اللى هيتنقذ؟».
الواقع أن الجدل و الاستقطاب لم يغيبا أبدا عن الجمعية العمومية، وبدا أكثر وضوحا فى ظل أدوات التواصل، لكن تظل حرية الاختيار فى بعضها صحيحة أو خاطئة والاختيار الخاطئ أحيانا جزء من الممارسة، والصحافة تواجه مشكلات ومعاناة، تحتاج عملا جماعيا وتوحدا، نجح الصحفيون دائما بالاحتشاد حول قضاياهم وإدارتها بصبر وحوار، وفى كل مرحلة كان هناك من يسعى لتجديد روح المهنة، ومن يحاول فعل شىء، وهو أمر لم يرتبط أبدا بأيديولوجيا أو استقطاب، لدينا الكثير من التحديات، بعضها صعب ولكن ليس مستحيلا.

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة