تزخر مصر بقواها الناعمة، وتراثها وميراثها العلمى، وسبل بناء هذه القوى يتجلى فى الوقف العلمى المصرى (الجمعية الجغرافية المصرية/العربية)، التى أسست مجاورة لمجلس الشورى المصرى بمبناه الخديوى التاريخى، والمعبران عن حقبة العلم والفكر والثقافة والعمل الدينى الخيرى الذى يبحث عن فرصة لخدمة المجتمع فى انطلاقة الخديوى إسماعيل مطلق المشاريع ولا سيما شريان مصر "قناة السويس".
الجمعية الجغرافية المصرية، هى وقف دينى وعلمى، وذراع تخطيطى متشابك ومعنى بكافة وزارات وقطاعات الدولة الدينية والخدمية والإنتاجية والصناعية وغيرها، أنشئت بهدف مزيد من اكتشاف منابع النيل، والأقاليم، إذ إنشاء متحف "الجمعية الجغرافية المصرية" على يد الخديوى إسماعيل سنة 1875، بهدف زيادة الاهتمام بالمجال الجغرافى والتشجيع على استكشاف الأقاليم المختلفة فى مصر وإفريقيا بشكل عام وقتها.من يزور الجمعية العظيمة بقاعتها الملكية، ومتحفها، ومكتبتها، وخرائطها، يعرف أنها بوابة العلم والمعرفة والتاريخ والمستقبل، ولا سيما محاولات التحرك وتقديم الخدمات للمجتمع، إذ يفتتح الدكتور محمد زكى السديمى رئيس الجمعية معرض تراث الخط العربى بين تركيا ومصر، أيام الخميس/الجمعة/السبت، وتحوى الجمعية وثائق وطنية وعالمية هامة، وتضطلع بأدوار علمية ووطنية خطيرة، ولها تاريخ مهم خاصة فى فترة.
"الجمعية الجغرافية" عقل علمى فى شكل وقف خديوي
محمود باشا الفلكي وهو أهم فلكى فى العصر الحديث، والذى تعتبره دار الإفتاء المصرية أبرز من تستند إلى أعمالهم فى رؤية الهلال والميقات، وبفضل تاريخها الطويل ومكانتها كمرجع للوثائق والخرائط التاريخية، تصنف بالأولى شرق أوسطيا، وأقدم جمعية جغرافية خارج أوروبا والأمريكيتين، والتاسعة عالميا، والأولى فى أفريقيا، وقد تأسست فى 19 مايو 1875 على يد الخديوى إسماعيل كمرجع للوثائق والخرائط التاريخية الهامة، ويُستشهد بها فى قضايا مثل تحديد الحدود، ومحتوياتها: تضم مجموعة كبيرة من الخرائط النادرة، بعضها يعود إلى القرنين الـ18 والـ19، إذ أوقف لها راتب باشا 600 فدانا بالبحيرة يديرها مسؤولى الوقف.
الاستفادة من الجمعية الجغرافية المصرية/العربية لا تتوقف، فليست مخزنا للتراث بقدر تفاعلها فى كافة قضايا المجتمع للماضى والحاضر والمستقبل، إذ هى المرجع الأول لـ: ترسيم دوائر الانتخابات وشكل العملية السياسية، كما أنها معنية بترسيم الحدود، ولديها القدرة على تقديم الشكل العلمى لحل أزمات ترسيم الحدود، ولديها مراجع فى الوقف، وأعظم كتب وأبحاث قضايا الوطن العلمية خرجت من أروقتها وأهمها كتاب شخصية مصر لأستاذ الجيل جمال حمدان، والمجموعة الكاملة عن قناة السويس ونهر النيل، والجمعية يمكن أنها المخطط المختبئ فى الظل يجرى الأبحاث التى تصدر بها مجلة الجمعية الجغرافية سنويا، تضم فى عضويتها جغرافى مصر الذين تسعين الدولة ببعضهم فى العمران وتخطيط المدن الجديدة وكثير من قطاعات الدولة، إلا أن الاستغلال الأوسع والأكبر نحو التنمية بحاجة إلى إلقاء الضوء.
وتتداخل الجمعية الجغرافية مع قطاعات مصر العلمية والتنفيذية، إذ يجمع العديد من رموزها بين مواقع علمية وتنفيذية وفكرية، ولا سيما رئيس الجمعية الذى يتولى عمادة كلية الآداب بجامعة طنطا، كما يشغل الدكتور أحمد حسن إبراهيم عضوية مجلسى الجمعية الجغرافية والمجلس الأعلى للثقافة وهو العميد السابق لكلية الآداب بجامعة القاهرة من 2003/2000، إذ تفرز الجغرافيا وتنتج رؤى التخطيط والتنمية فى كافة مجالات الحياة بلا استثناء، وتقف على أرضية دينية، كونها وقفا دينيا وعلميا، وكونها جهة توثيق لنشاطات العلم والإنتاج العلمى والاقتصادى، وعودتها إلى إلى الواجهة والصدارة أمر يثرى الحياة العامة، وكذلك دورها فى تقديم الدراسات والإحصاءات وتحليل النتائج والتوصية برؤى تحقيق التطور العلمى والوطني.
وتضم الجمعية الجغرافية عددًا متنوعًا من الخرائط والمنشورات وقطعًا أثرية معظمها يرجع للقرن الثامن عشر وحتى أوائل القرن العشرين ومن النادر تواجدها فى أى مكان بالعالم. ويتكون المتحف من عدة قاعات تبدأ بقاعة الهوايات والتقاليد المصرية، وتشمل كل ما له علاقة بالعادات المصرية من أدوات التدخين والألعاب والملابس، مجوهرات، والتمائم، أما القاعة الثانية وهى ممر يعرض فيه مجموعة من المنشورات الحديثة، تماثيل بأزياء فخمة تقليدية من أقاليم مختلفة فى مصر، فيما تعتبر القاعة الثالثة من أكثر الأماكن الساحرة فى المتحف، بها قطع ترجع لبعثات الجمعية وباب القاعة مزين بعاج الفيل، وتشمل حيوانات محنطة أدوات الصيد من دروع ورماح من قبائل فى كل أنحاء إفريقيا، ويضم أيضا قاعة قناة السويس، وكانت مهداة للجمعية من شركة قناة السويس، وبها خرائط وماكيتات لنقاط العمل فى القناة. ويشتمل الدور العلوى على المكتبة ويشمل أيضًا مجموعات متنوعة من الموسوعات، إحصائيات، وتعدادات للسكان من القرن العشرين فى مصر ودول أخرى، كما يوجد خرائط فوتوغرافية الطبيعية لصحارى مصر معلقة، وعدد من الخرائط القديمة.
وتلعب الجمعية الجغرافية دورا كبيرا فى التحول الرقمى وخاصة للبيانات وتحليل البيانات وكيفية الاستفادة منها، إذ هى الرائد فى مجال تقنيات GIS ودور هذه التقنيات فى دعم التنمية، وتعيش حاليا أجواء اليوم العالمى لنظم المعلومات الجغرافية، وأطلقت خلاله ورش عمل وعروض تطبيقية.