أكد الدكتور طاهر زيد، مدير وحدة حوار بدار الإفتاء المصرية، أن الشريعة الإسلامية ليست أفكارًا عامة أو آراءً مفتوحة لكل من شاء أن يتحدث فيها، وإنما هي علم راسخ له أصول ثابتة وجذور عميقة، موضحًا أن مشايخ العلم قديمًا كانوا يقولون: «من أراد الوصول فعليه بالأصول»، لأن كل ما لا يقوم على أصل ثابت سرعان ما يتهاوى ويزول.
الشريعة علمًا منضبطًا أم مجرد فكر
وأوضح، خلال حلقة برنامج "مسارات"، المذاع على قناة الناس، أن كثيرًا من التساؤلات تدور حول ما إذا كانت الشريعة علمًا منضبطًا أم مجرد فكر يمكن لأي شخص أن يخوض فيه، مؤكدًا أن الشريعة بالمعنى العلمي هي المنهج والطريق الذي فهم به علماء المسلمين مراد الله سبحانه وتعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم من الوحي الشريف، وهي نتاج اجتهادات علمية تراكمت عبر القرون.
هناك فرقًا بين الشريعة والفقه
وبيّن أن هناك فرقًا بين الشريعة والفقه، فالشريعة هي الإطار والمنهج الكلي، بينما الفقه هو ثمرة هذا المنهج في صورة أحكام تفصيلية، موضحًا أن الشريعة لها أصول وفروع، وهذه الأصول مدونة في علم مستقل يُعرف بعلم أصول الفقه، وهو الذي يحدد مناهج الفهم والتأويل عند علماء المسلمين.
الأصول المتفق عليها بين العلماء القرآن الكريم والسنة النبوية
وأشار إلى أن من الأصول المتفق عليها بين العلماء القرآن الكريم والسنة النبوية، فإذا نزلت مسألة احتاج الناس لمعرفة حكمها، فإنهم ينظرون أولًا في القرآن ثم في السنة لاستنباط الحكم، من خلال آليات علمية دقيقة لا يقوم بها إلا العلماء الثقات المجتهدون، مؤكدًا أن تحديد هذه الأصول جاء لأن الشريعة وليدة الوحي الإلهي.
ما يميز الشريعة الإسلامية عن غيرها من القوانين
وأكد أن ما يميز الشريعة الإسلامية عن غيرها من القوانين والتشريعات أنها وحي من عند الله سبحانه وتعالى، وأن هذا الوحي نُقل إلينا بنظام دقيق قائم على الإسناد، فالقرآن محفوظ في الصدور جيلًا بعد جيل، بسلاسل متصلة تعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى قيل إن هذه الأمة هي أمة الإسناد.
فكرة الإسناد لم تقتصر على القرآن والحديث فقط
وأضاف أن فكرة الإسناد لم تقتصر على القرآن والحديث فقط، بل امتدت إلى المدارس الفقهية، فمدرسة الإمام الشافعي، على سبيل المثال، ما زالت ممتدة منذ وفاته عام 204 هجرية حتى اليوم، ينتقل فيها العلم فقيهًا عن فقيه بسند علمي متصل.
علوم الشريعة لها طبيعة خاصة
وشدد على أن علوم الشريعة لها طبيعة خاصة، ولا يصح أن يتصدر لها من لم يتلقها تلقيًا صحيحًا، فليست مجرد معلومات يمكن تحصيلها من الإنترنت أو بالقراءة العامة، مؤكدًا أن جوهر العلم الشرعي هو حسن التلقي، وأن البركة في الإسناد، كما كان يردد مشايخ العلم، وهو ما يحفظ للشريعة انضباطها وعمقها عبر الأزمان.