فى عرض قوة سياسى غير معتاد، ظهر الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو للمرة الثانية فى شوارع كاراكاس، وسط حشود غفيرة من أنصاره، فى رسالة واضحة إلى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وللمجتمع الدولي أنه لن يتنازل عن السلطة، وأن الثورة الاشتراكية فى فنزويلا باقية على الطريق.
مادورو يرقص فى شوارع كاركاس
وقد جُمعت فى هذا الظهور الطاقة الاحتفالية مع رسائل سياسية قوية، حيث قام مادورو بالرقص أمام الجماهير، فى مشهد يرمز إلى الثقة بالنفس والسيطرة على المشهد السياسى الداخلى والخارجى، الرقصة الثانية هذه تأتى بعد أيام من أول ظهور علنى له بعد غياب عدة أيام، حيث أثارت التساؤلات حول مستقبله السياسى، خاصة بعد تصريحات ترامب حول فرض إنذارات وضغوط على النظام الفنزويلي.
وجاء ظهور مادورو بالتزامن مع إعلان حكومته عودة 570 من مواطني بلاده ومكسيكيين مرحلين من الولايات المتحدة علي متن رحلات جوية ، حيث قال وزير الخارجية الفنزويلي إيفان جيل، أن بلاده استقبلت رحلات تقل مواطنين فنزويليين مرحّلين من الولايات المتحدة والمكسيك، وذلك في مطار مايكيتيا الدولي.
وكشف جيل إن هذه الخطوة جاءت بناءً على طلب من الحكومة الأمريكية، حيث أن الطلب تضمّن السماح لطائرة مسجلة في الولايات المتحدة بعبور الأجواء الفنزويلية، والهبوط في مطار سيمون بوليفار الدولي، وعلى متنها مواطنون فنزويليون عائدون إلى بلادهم.
رسالة مزدوجة: الداخلية والخارجية
مادورو استخدم هذا التجمع لإرسال رسالتين مهمتين: الأولى لداخل البلاد، لتأكيد ولاء المواطنين واستقرار الحكومة، والثانية للمجتمع الدولى، خصوصًا الولايات المتحدة، لتوضيح أن الحكومة الفنزويلية مستقرة وقادرة على الصمود أمام أى تهديد أو تدخل خارجي. وخلال التجمع، شدد مادورو على أن الثورة الاشتراكية لن تُزال من الطريق مهما كانت الظروف، مؤكدًا التزامه بالبقاء خادمًا للشعب.
كوماندوس المجتمع البوليفارى والتنظيم الشعبي
خلال الحدث، أدى مادورو القسم أمام كوماندوس المجتمع البوليفارى، وهو تنظيم شعبى جديد يهدف إلى توزيع أنصار الحزب على شكل خلايا فى كل حى، لتعزيز النفوذ السياسى والسيطرة الإدارية والإقليمية، مع التركيز على الدفاع الوطنى كأولوية استراتيجية. هذا التنظيم يمثل استمرارًا لجهود الحكومة فى تنظيم الجماهير بشكل منهجى، وتأمين الدعم الشعبى بطريقة خلوية على المستوى المدنى والعسكري.
تصاعد التوتر مع واشنطن: إنذارات وتهديدات
تأتى هذه التطورات وسط تصعيد أمريكي متواصل، حيث فرضت واشنطن حظرًا على التجارة مع فنزويلا وهددت بتغيير النظام بالقوة فى حال عدم مغادرة مادورو، مع مكافآت رمزية محددة لرأس الرئيس الفنزويلى، وخيارات للانسحاب الآمن مع عائلته رفضها مادورو تمامًا. كما رصد البنتاجون تهريب المخدرات من فنزويلا كأحد التهديدات الأمنية التى قد تبرر أى تدخل عسكرى محتمل.
ستة سيناريوهات محتملة للحرب فى الكاريبي
رسم الخبراء 6 سيناريوهات للتصعيد:
1- ردع بحرى: تعزيز الوجود العسكرى الأمريكى فى البحر الكاريبى دون مواجهة مباشرة، لإحكام الحصار السياسى والاقتصادي.
2- حصار اقتصادى وبحري: إغلاق المنافذ البحرية والجوية مع عقوبات مضاعفة على النفط والذهب، ما قد يؤدى إلى انهيار اقتصادى داخلي.
3- ضربات محدودة: استهداف دقيق لسفن أو مواقع محددة لدفع رسالة مباشرة للنظام دون إشعال حرب شاملة.
4- حرب مفتوحة لتغيير النظام: ضربات جوية وبحرية واسعة لمحاولة السيطرة على قادة النظام، مع مخاطر تصعيد دولي.
5- فوضى داخلية: انهيار داخلى يؤدى إلى حرب شوارع ونزوح جماعى، مع نشاط جماعات مسلحة ومليشيات موالية للنظام.
6- حرب عصابات طويلة الأمد: استنزاف القوات المتدخلة عبر هجمات سريعة وتنقلات وحدات صغيرة فى الأراضى الوعرة، مثل نماذج كوبية ونيكاراجوية سابقة.
يبدو أن البحر الكاريبى على حافة أخطر مواجهة منذ أزمة الصواريخ الكوبية، وأن استمرار مادورو فى السلطة أو أى تصعيد أمريكى مباشر قد يعيد رسم موازين القوة الإقليمية. مع غياب أى مؤشرات على تهدئة، تتجه فنزويلا نحو مرحلة اضطراب عميقة قد تمتد آثارها إلى الصراع العالمى المقبل، مع مراقبة حثيثة لمواقف روسيا والصين والدول الأوروبية.
الصين وروسيا آخر أوراق مادورو
انتقد كل من شى جين بينج وفلاديمير بوتين تحركات ترامب فى المنطقة، معتبرين أنها دليل على أن الولايات المتحدة قوة استعمارية جديدة لا يمكن الوثوق بها، ومع ذلك، لم تتخذ الصين خطوات سريعة، بينما يواصل بوتين مسارات التفاوض. وعلى الأرجح، فإن مادورو سيرحل.
يتوافق كل هذا مع نماذج التوقعات الاقتصادية التى تشير إلى أن الفترة بين 2024.35 و2026.05 ستشهد ارتفاعًا فى الاضطرابات، والانقسام السياسى، وتراجع الثقة فى الحكومات. كما أن مطلع عام 2026 يمثل بداية انتقال نحو حرب دولية. وتشير المخاوف الأساسية إلى أوروبا (الناتو مقابل روسيا)، والشرق الأوسط، وآسيا، أما تغيير النظام الوشيك فى فنزويلا، فرغم أنه ليس مهمًا بشكل جوهرى للولايات المتحدة، فإنه يُعد بداية لموجة من الصراع العالمى المتوقع أن يشهده العالم خلال هذه المرحلة العنيفة.