لم يكن الثعبان في مصر القديمة مجرد كائن يثير الخوف، بل كان رمزًا مركزيًا في المعتقدات، يتأرجح بين الحماية والخطر، وبين الحكمة والقوة، وعلى مدى آلاف السنين، احتل الثعبان مكانة روحية وسياسية بارزة، حتى أصبح جزءًا من الهوية البصرية للحضارة المصرية.
وتعد الجهود البطولية للفريق الطبي بمستشفى سوهاج العام، وذلك عقب نجاحهم في إنقاذ حياة سيدة تدعى (ن. أ. م)، تبلغ من العمر 55 سنة من نجع حمد، بعد تعرضها لعضة ثعبان سام بالقدم اليسرى، ونُقلت على إثرها إلى المستشفى وهي في حالة شديدة الخطورة، نستعرض عبر التقرير التالى قدسية الثعبان في الحضارة المصرية القديمة.
حارس الشمس ورفيق الملوك
ارتبط الثعبان ارتباطًا وثيقًا بعقيدة الشمس، لاسيما في صورة " بودجيت" ــ الكوبرا المقدسة التي كانت تزين تيجان الملوك، ولم يكن وجودها على مقدمة التاج مجرد زخرفة، بل إعلانًا بأن الملك يحظى بحماية الإلهة بودجيت، وأن سلطته مستمدة من القوى الإلهية.
كانت الكوبرا تمثل أيضًا القدرة على الردع، فهي تبث النار على أعداء الملك، وتحميه في الدنيا والآخرة، لذلك ظهرت في النقوش والمعابد والسواري وكأنها العين الساهرة على البلاد.
الثعابين الحامية والمعينة من غير الآلهة
سبت والذى ورد اسمه بنصوص الأهرام واستمر حتى العصرين المتأخر واليونانى الرومانى ويعنى الملتهبة ، و حـرى تب الذى ظهر فى الأسرة التاسعة عشرة واستمر فى العصرين المتأخر واليونانى والذى ورد ذكره بنقش للملك رمسيس الثانى بمعبد الكرنك ، آخت ويعنـى الـروح الفعالـة ومهمته كشف الأرواح الشريرة وحرقها، كما انها مرشدة للملك المتوفى ترى وتحـضر الأعداء وتحرقهم باللهب كما ورد بالنص الموجود على لوحة جبل برقـل والمؤرخـة بعهد تحتمس الثالث، وعلى لوحة من حجر الجرانيت الرمادى من الصرح الـسادس بالكرنك من عهد تحتمس الثالث أيضاً ومحفوظة بالمتحف المصرى ، اعـرت والتـى ورد ذكرها بالتعويذه من نصوص الأهرام، والتى يرى مرسر انها ليـست حاميـة للإله فقط وانما تحمل أيضاً صفة الأمومة للملك المتوفى وتقوم بإرضاعه ، تيت ظهـر فى الأسرة الثامنة عشرة واستمر فى العصر المتأخر، يقوم بحماية الملك ويـضىء لـه الطريق وقد ورد ذكره بنقش بالصرح السادس من معبد الكرنك من عهد تحتمس الثالث أيضًا، حسب كتاب دراسات في آثار الوطن العربي للدكتورة منال إسماعيل.
الثعبان بين الخير والشر
كان المصريون القدماء يرون في الثعبان ازدواجية واضحة: فهو رمز الشفاء والحماية في صورة "واجت"، ورمز الخطر والظلام في صورة "أبو فيس"، هذا التناقض خلق توازنًا فريدًا في الفكر المصري، حيث يجتمع الضوء والظلام داخل رمز واحد.
الطب الشعبي والسحر
استخدم المصريون الثعابين في الطب والسحر؛ فجلودها وأنيابها وسمومها كانت جزءًا من وصفات علاجية، كما اشتهرت التعويذات الخاصة بالحماية من لدغاتها، وارتبطت بعض المعبودات الإلهية مثل "رننوت" — بالخصوبة والوفرة، وكانت تصور برأس ثعبان.