حازم حسين

لعبة وُلدت ميتة فى أرض الصومال.. عن مراوغة نتنياهو بالاعتراف قبل الذهاب إلى فلوريدا

الإثنين، 29 ديسمبر 2025 02:00 م


سيجلس نتنياهو اليوم إلى الرئيس الأمريكى فى منتجعه للجولف بولاية فلوريدا. لم تكن الزيارة مخططة حتى ثلاثة أسابيع خلت، وقال ترامب قبل أيام إنه لم يُرتب شيئا بشأنها مع حليفه الأثير فى تل أبيب؛ غير أن الأخير يُريد لقاءه. وكلاهما قدّم صورة غير حقيقة عن اللقاء، بين إنكار المُضيف معرفته بالأمر، وادّعاء الضيف أنها دعوة لا استدعاء.

ومن مُنطلق المفاجأة والارتباك وتداخل العناوين، لا يُعرف على أى وجه ستمضى مداولات الرجلين، ولا أفق التسويات المقبولة بشأن القضايا المثارة على الطاولة، وفى المتن منها سوريا ولبنان ومحاولات تجديد الحرب مع إيران؛ لكن غزة تظل الأهم بينها جميعا، ولعلها سبب استجلاب رئيس الحكومة الإسرائيلية على عجل، وفى موسم الأعياد والعُطلة الرئاسية.

السؤال الكبير عن اتفاق وقف إطلاق النار فى القطاع، والعوائق المتراكمة على طريق الانتقال إلى مرحلته الثانية.

وإذا كان سيد البيت الأبيض يُريد تثمير خطته وتثبيتها فى قائمة الإنجازات التى يُسوّق بها نفسه ويستعد للدورة المقبلة من جائزة نوبل للسلام؛ فإن زعيم الليكود لا رغبة لديه فى استكمال الصفقة ولو على سبيل المجاملة، ويتطلع إلى إجراء مقاصّة بين الأهداف المتضادة داخل الجبهة الواحدة؛ ليخرج بانتصار يصلح لإبقائه فى منطقة الأمان لحين استحصال العفو والوصول إلى صناديق الانتخابات خريف العام المقبل.

وهو يعرف بالضرورة أن ما يسعى إليه لن يكون مقبولا لدى الطرف الآخر؛ لا سيما الوسطاء وحاضنتهم العربية والإسلامية، وأن علوّ نبرة الرفض ستكون حائلا دون أن يُلاقيه ترامب على نواياه؛ لذا فإنه يُفاضل بين الخيارات المتاحة، ويَجِدّ فى اقتراح مزيد من البدائل وإرباك الآخرين بها، وآخرها خطوته المفاجئة وغير المتوقعة قفزا من جغرافيا فلسطين ودول الطوق إلى القرن الأفريقى.

كانت الحقائب تُحزَم للسفر فى إسرائيل، بالتزامن مع تفجير قائدها الماكر لقنبلة الاعتراف بإقليم «أرض الصومال» دولة مستقلة، مع حديث وزير خارجيته عن تفعيل العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء بين الطرفين، وعن خطط للتعاون الاقتصادى وفى التقنية وغيرها من المجالات.

ولا يُمكن هنا ألا يعود الذهن مباشرة إلى ما تردد قبل شهور عن خطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وأنه جرى التواصل مع عدد من العواصم منها هرجيسا، على أن يكون استقبالها للمطرودين من أرضهم فى مقابل الاعتراف والدعم.

ورغم غياب واشنطن عن الصورة وقتها والآن؛ فإنها لم تُنكر فتح خطوط اتصال مع الوجهات المقترحة لأن تكون وطنا بديلا. صحيح أن اللهجة اختلفت عما كانت عليه فى مطلع العام، مع طرح مشروع «الريفييرا الشرق أوسطية»؛ لكن سحائب الغموض وتبدل المواقف لا تغادر السماء الأمريكية فى عصرها الجديد، وكما أن تحولات ترامب المتسارعة وغير المفهومة تُعثّر الخصوم والمحايدين؛ فأثرها ليس أقل على الحلفاء والمقربين أيضا.

ولا دليل أبلغ مما انطوت عليه استراتيجية الأمن القومى بشأن إعادة ترتيب الأولويات، وفيض الرسائل الملتهبة فى مواجهة أوروبا التى تواجه خطر «الامّحاء الحضارى» كما يقول الرئيس نفسه، ويُقدّم تسوية الحرب الأوكرانية من منطلق أكثر أُلفة مع موسكو مما هو عليه مع بروكسل.

والقصد؛ أن واشنطن لديها التزامات تاريخية معروفة وثابتة؛ لكنها لم تعد محمية بضمانات أبدية، وليس المعنى أنها مهددة بنسفها أو التراجع عنها، بقدر ما يُشير السياق المُستجد إلى رؤية واحدية تفصل فى الشواغل، ولا تضع مصالحها فوق الجميع فحسب؛ بل تقرر مصالحهم أيضا من منظورها الخاص.

نتنياهو يعرف أن الولايات المتحدة لن تتراجع عن مسؤولياتها تجاه إسرائيل؛ لكنها قد تتراجع عن إرخاء مظلتها عليه شخصيا.

وليس تفصيلا عابرا أن يعبر ترامب عن امتعاضه من سلوكه غير مرّة، وأن يُرغمه على القبول بالتهدئة القائمة فى غزة، بالتزامن مع تكفله بالدفاع عنه ومخاطبة الدولة ممثلة فى رئيسها الشرفى لأن يعفو عنه فى قضايا الفساد.

ما يعنى ضمنيا أنه يرى رجل تل أبيب القوى، وأطول رؤساء حكوماتها بقاء فى السلطة، عاجزا عن حماية نفسه أو تحصيل المكاسب الأكثر حيوية بالنسبة له، وبالتبعية فلا جدارة لرؤيته فيما يخص المصالح العبرية، وسلوك الاحتواء والترويض هنا أقرب إلى الإملاء وفرض الوصاية، واتخاذ قرار فوقى بالحجر على شخص ناقص العقل.

لن تنفجر العلاقة، وقد لا يزيد مستوى الخشونة فيها عما هو عليه الآن؛ لكن المعنى واضح لصاحبه المقصود به من غير حاجة إلى شرح أو تعليل وتدليل.
مبعوثو ترامب يضيقون بالمجادلات التى لا تقود إلى شىء مع «بيبى»، وسبق أن حذروه من المساس بسُمعة الرئيس جرّاء المغامرات وألاعيب الخديعة والاحتيال.

وأن يصدر الأمر فى الأسبوع الذى كانوا معه فى تل أبيب، بأن يتحضر للذهاب إلى «مار إيه لاجو» فى ولاية فلوريدا؛ فالفائدة أن الوكلاء يُعيدون الكرة إلى الأصيل، ولا فرصة تقريبا لإنجاز التسويات المطلوبة بالتفاوض والحوار؛ بل يجب توظيف هالة الرجل الأول ومزاجيته وثقله المادى والمعنوى، وأن توضَع المطالب على الطاولة أمام الصديق المتعنت؛ بما يحتمل الكلام فى التفاصيل لا المبدأ ذاته، والاختيار لا المماطلة، قبل أن تضيق الخيارات أو تسقط عليه من أعلى.

والعقدة فى الواقع تتخطى غزة وفصائلها والسلاح الذى لم يعد قادرا على الدفاع أصلا، ليُخشى فيه من المبادرة بالهجوم. استحال القطاع خرابا، وتلزمه عقود عدة للتعافى وأن يعود إلى ما دون سيرته الأولى.

الاحتلال كان يسيطر على نحو 53% من مساحته، وزاد عليها بدأبه الذى لا يتوقف عن رحزحة الخط الأصفر. وإن خُيّر ائتلاف اليمين المتطرف فإن هواه ميّال لاستكمال الحرب، أو تجميد الميدان على حاله، وآخر الاحتمالات وأردأها أن يبدأ الإعمار فى مناطق سيطرته وتُترَك حماس فى عرائها، والثلاثة لا محل لها من الإعراب لدى الوسطاء الضامنين قبل المقاومة وعامة الغزيين.

فيما تقضى بنود الخطة الترامبية بالانتقال إلى مرحلة ثانية، تشمل تثبيت وقف النار وبدء الإعمار، وتمكين إدارة مدنية بالتوازى مع قوة الاستقرار الدولية وجهود نزع السلاح أو تجميده.

وإرادة نتنياهو تنصرف إلى الحفاظ على البيئة الإقليمية ساخنة، وألا ينقشع غبار المعارك تماما؛ ليتمكن من العبور وسط الفوضى والزحام، وتمكين رؤيته عن التفاوض تحت النار وإبقاء المجتمع اليهودى مقيما على «حد السكين”.

أى إنه يُريد جبهة مفتوحة على الأقل، والراعى الأمريكى متمسّك بإنجاح مقترحه فى القطاع أولا، ومُقبل على احتضان الإدارة الجديدة فى دمشق، ويبدو أنه ليس ميّالا لاستدعاء طهران إلى رقصة حربية جديدة، وما تزال الساحة اللبنانية معلقة فى فضاء المناورة وتقطيع الوقت وعض الأصابع؛ لكنها قد لا تتجاوز مناخها السائل أو تدخل فى حماوة شبيهة بحرب الإسناد والمشاغلة وما بعدها.

هكذا لا يبدو أن المسموحات المتاحة تلبّى غايات نتنياهو، كما أنه لا يُقدم بديلا مقنعا عنها، بمعنى أنه يرفض ولا يتحرك عن موضعه، ويتشهّى الوصول إلى محطة الخلخلة الديموغرافية القطاع، من دون أن يعرف طريقا إليها أو وصفة قابلة للتطبيق، ومن هنا جاءت خطوة «صومالى لاند» غالبا.

لقد استبق الزيارة بالاعتراف بالإقليم الانفصالى الذى لا تعترف به دولة واحدة؛ ليكون معه ما يضعه على الطاولة لجهة تفعيل مخطط التهجير.

وكان رد ترامب متحفظا عندما سُئل عن الموضوع قبل يومين؛ فسخر من الفكرة نافيا بتلك الطريقة المعتادة أن يُقبل على الاعتراف، أو أنه يُجارى حليفه فى اندفاعته المعروف ما وراءها؛ غير أنه لم يُدِن الخطوة أو يتخذ موقفا صريحا منها على سبيل ترسيخ الأُطر الشرعية ومنطق القانون الدولى لنظام متعدد الأطراف وقائم على القواعد.

والمقاربة على تلك الصورة أقرب إلى التوقف واستطلاع الأجواء؛ ذلك أنه قد لا يكون معترضا فى العمق على القفزات الإسرائيلية الواسعة، ومساعيها لفتح ثغرة على مشارف البحر الأحمر، فى سياق أهدافها المعلنة منذ الطوفان باللعب فى التوازنات الجيوسياسية للمنطقة، ومُعادلة تأثيرات الحوثيين بتخليق قاعدة دفاعية وواجهة مباشرة للاشتباك معهم.

وذلك؛ فضلا على إرباك الآخرين خصوصا بالنظر إلى تطورات اليمن، وحركة المجلس الانتقالى باتجاه الانفصال بالجنوب وخصصة خليج عدن وباب المندب لصالح كيانين مُصطنَعين. والأهم أن تلك اللعبة توفر مستقرا لمشروع الطرد وإعادة توطين كل ما يقدرون على إزاحته من الغزيين.

خاض «صومالى لاند» تجربة الانفصال بالتزامن مع استقلال الصومال فى مطلع الستينيات، ولم تستغرق المحاولة أكثر من شهور قبل التوحيد مع الجنوب. وتجددت المحاولة عقب سقوط نظام سياد برى فى 1991، ومن يومها تتوافر له تركيبة حكم شبه مستقلة فى النظام والأمن والعملة وغيرها؛ إلا أنها عارية من أى اعتراف رسمى.

ربما الاستثناء الوحيد قبل إسرائيل كان من جهة تايوان، وهى نفسها قضية انفصالية عالقة ضمن نزاع طويل مع الصين، ولم يعُد يعترف بها حاليا أكثر من ثلاث عشرة دولة أغلبها جُزر وبلدان صغيرة للغاية، وكلها استُقطبت بالإغراءات والمنافع الاقتصادية التى تُلوّح بها تايبيه. والوفرة فى حالتها غير متحققة لهرجيسا، كما أنها عاجزة عن حسم استقلالها بقوة السلاح، أو مناطحة القوى الإقليمية الكبرى التى تتضاد مصالحها وحسابات أمنها القومى مع رغبة الانفصال.

لا أحد يتربّح من دولة مستقلة لأرض الصومال سوى إثيوبيا، ثم إسرائيل مؤخرا. والأولى لا تستطيع أن تكون ظهيرا لمشروع اقتطاع قطعة من الصومال وتعميدها كيانا كامل الأهلية بكل ما وراء ذلك من أعباء ومتطلبات. والثانية لا تقدر عليها من دون إسناد أمريكى، بيد أن واشنطن لن تُقبل على المغامرة بعلاقاتها مع العواصم الوازنة فى المنطقة، وقد لا تصمت على نزق تل أبيب لو استشعرت أن مجرد الصمت يُهدد التركيبة القائمة أو يُعرضها لمخاطر لا مفر من أن تنعكس على بقية الملفات القريبة والبعيدة.

لهذا؛ فإن مبادرة مصر وحدها بالاعتراض المعجّل، ثم فى بيان رباعى مشترك مع تركيا وجيبوتى والصومال، وبعدها بيان أوسع مع عشرين دولة ومنظمة التعاون الإسلامى، وموقف مجلس التعاون الخليجى ودوله فرادى، ومفوضية الاتحاد الأفريقى، وبيان الجامعة العربية ثم اجتماعها أمس على مستوى المندوبين الدائمين، وجلسة مجلس الأمن الدولى اليوم، كلها تمثّل كوابح لأية حماسة أمريكية محتملة.

قائمة الرفض الحالية لا تقل بحال عن مائة دولة، وأربع منظمات إقليمية كبرى، وبيان مجلس الأمن لن يشذ عن ذلك، وسيستقطب بالضرورة مؤازرة معلنة أو مضمرة من أوروبا وبقية العواصم الكبرى، ما يُفرّغ الخطوة الإسرائيلية من مضمونها تماما، ويُبقيها فى أفضل الأحوال على صيغة اعترافات تايوان غير القابلة للصرف أو الاستخدام.

أديس أبابا كانت قد وقعت مع هرجيسا اتفاقا فى بداية العام الماضى للفوز بمنفذ على خليج عدن وقاعدة بحرية عسكرية فى ميناء بربرة، وتجمد الوضع بعد اعتراض مصر ودخول آخرين فى زُمرة المعترضين. السعودية لديها موقف شبيه، وبينما تحاول لملمة الأوضاع فى اليمن؛ فلن تقبل بنقل بؤرة السخونة وتأجيج المنطقة إلى الضفة المقابلة.

الإقليم مساحته تفوق 175 ألف كيلو متر مربع، بما يفوق 6 أضعاف فلسطين التاريخية المُختَصم عليها، ومع ديموغرافيا تتجاوز 6 ملايين، وساحل بطول 850 كيلو مترا، يمكن أن تكون قاعدة تهديد حقيقية لأمن المنطقة كلها، بقدر ما توفره من فرص اقتصادية وعلى صعيد الاستثمار فى الأمن أو الفوضى.

ويزداد الانزعاج بالضرورة مع مبادرة رئيسه الحالى عبد الرحمن عرو بالترحيب باعتراف إسرائيل، وعدّه «لحظة تاريخية» مع إبداء سعادته بالانضمام إلى اتفاقات إبراهام، والرجل ليس لديه ما يقدمه سوى الجغرافيا والعقدة الاستراتيجية على ناصية البحر الأحمر، أى أن يأخذ من الصهاينة ضحاياهم المطرودين، ويمنحهم شرفة يُطلون منها على الخصوم، ويُوسعون نشاطهم ضد اليمن وغيرها، ويُحوّلون البحر إلى بحيرة تُغلَق وتُفتح مرحليا بإرادتهم مع الحوثيين، ثم لاحقا بانفراد منهم مع ظهيرهم وامتداداتهم الحالية والمستقبلية فى إثيوبيا وعدد من دول شرق أفريقيا.

وهو ما لن يكون مقبولا أو موضع ترحيب من قوى كبرى، وبدلا عن اتخاذه مسربا فرعيا لتصفية نزاع غزة، قد يكون سببا فى تأجيج منازعات أكبر وأخطر، وقبل تلك النقطة سيتدخل ترامب مضطرا.

وعلى ما فات؛ فالفكرة وُلِدَت ميتة تماما، وقد لا تكون بالنسبة لنتنياهو أكثر من ورقة لمقايضة ترامب فى لقاء اليوم، من باب أنه يستشعر خطورة إرغامه على تقديم تنازلات؛ فيطرَح ما يُمكن أن يكون هامشا يسهل التنازل فيه، ليتيسّر له القبض على المتون فى غزة وسوريا وعلى خط البحث عن حرب ثانية مع إيران.
إنه يُجمّع كل البيض فى سلة واحدة؛ لا ليخسره بالضربة القاضية كما جرت العادة؛ إنما ليُربك سيد البيت الأبيض بالزحام وفوضى الملفات وتداخلها، ورجل الصفقات لا يستوعب الصيغ المركبة، ويحتاج إلى تفكيك المعقد قبل أن يقضى فى كل جزء منه على حِدة.

ورهان ضبع الليكود الماكر على أن يُركّز على أولوياته؛ فيُفوّت له فى زوايا غيرها. أى أن يدفع للانتقال فى غزة فيصمت على الخروقات ضد سوريا ولبنان، والعكس، أو يقبض فى الثلاثة فيُخلّى طريقه نحو التحرش بالجمهورية الإسلامية، ولو أغلقها جميعا عليه فقد يُلاقيه فى «صومالى لاند»، وإن أخذها فربما يسترضيه بواحدة من الجبهات الأربع السابقة.

خطوة نتنياهو تعبير عن مأزق يعيشه على مستوى صراعاته الخارجية، وضغوط الداخل المُطوقة له من عدة جهات. وعلى عكس ما توحى به من قوة وإمساك بزمام المبادرة؛ فإنها تنُمّ عن الضعف والتعلّق بأهداب أية فرصة استباقية للدفاع عن رصيد نجاحاته الآخذ فى التآكل عمليا؛ لأنه ليس مهما إن كان يقتطع خمس نقاط عالية من جنوب لبنان أو يقضم ما يقارب مساحة الجولان المحتل فى سوريا.

فطالما لا حرب على موقده لن تنضج طبخة البقاء فى السلطة، وسيُقايض على العفو بمستقبله السياسى، لا بتعديل تموضعه أو تبديل خياراته الميدانية وراء حدود الدولة العبرية. وإذ يبدو متقدمًا حتى الآن؛ فإنه محكوم بالارتداد الإجبارى؛ إذ يحتاج لواشنطن ولا قُبل له بالتمرد عليها والحركة خارج فضائها، ويعجز عن هضم ما يقضمه اليوم أو يطمع فيه غدا، وليس فى مقدوره أن يغير الخرائط ومفاتيحها الجيوسياسية، ويفتقد العمق الاستراتيجى الذى يسمح له بأن يكون قائدا للإقليم، أو حتى آمنا فيه دون توافقات صعبة مع الأضداد.

معلوم أنه ابتدر الساحة بالعداء منذ وقت مبكر؛ لكنه فى حالة «صومالى لاند» استعجل الخطوة، وخنق تأثيرها قبل أن يتلفظ بالتصريح بها، وأقصى ما يمكن أن يتحصل عليه منها مقايضة مع ترامب، ستحتكم فى الأول والأخير إلى ما يراه سيد البيت الأبيض لمصالحه وسُمعته وإرثه السياسى، ولما يمكن أن ينزل عنه راضيا ليسدّ به نهم نتنياهو الذى صار عبئا عليه، إلى أن تحين اللحظة المناسبة للخلاص منه، أو يُضطر إلى ردعه بطريقة أخرى. لكن الحقبة الحالية لن تكون إسرائيلية خالصة، والزمن المقبل ليس زمن «بيبى» فى كل الأحوال.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة