كانا حديثين مع بطلتين من نبت الأرض، يصح أن ندعوهما "بنتا النيل" فكلتاهما تكملان سردا من ذات النسيج عن بطل واحد، كان جزءا من الأولى وزرعها الذى ظلت عليه عاكفة بالرعاية والعطاء، وللثانية شريكا فى الحياة التى نعلمها والتى تعلمها هى وحدها، الأولى تحكى عن بطل يزورها فى اليقظة كما الحلم، والثانية تنظم شعرا عن مقابلات العشاق التى مازالت بينهما.
هو لم يرحل عن الأولى ولم يفارق الثانية، فظلت الأولى كشجرة باسقة لها فرع غصن يزهر فى جوف السماء، وبقيت الثانية ترنو لبدرها وتنظر حين يتجلى عليها، وتقاسمتا بالعدل والإنصاف حاجاته، ملابسه، اوفوروله، ساعته،هاتفه، حافظة اوراقه، والأهم والأكثر ثرءا انهما تشاركتا فى ذكرياته، فمازالتا تحدثانه، وظل هو على عادته معها يأتياهما، رغم أن الآخرين يقولون أنه رحل!..
تحكى السيدة البطلة سهير عبد المنعم هلالى، والدة الشهيد حازم ابراهيم:"... ابنى اتولد فى الكويت، فى الأول من شهر يوليو 1977، وكان أكبر إخواته، بعده إيمان خريجة كلية الخدمة الاجتماعية، وياسمين خريجة كلية تجارة إنجليزى، ووالده كان مهندس بالكويت بإحدى الشركات الكبيرة، لكن بعد الغزو العراقى للكويت رجعنا لمصر وفضلنا فى بيتنا بالمهندسين، وبعد ما استقرت الأوضاع بالكويت رجع والده لوحده للعمل هناك، وكمل حازم دراسته مع أخواته هنا فى مصر، وبعد ما حصل على الثانوية العامة، وقدم أوراقه فى مكتب التنسيق، وساعتها قُبل فى كلية الهندسة، لكن كان حلمه أن يكون ضابط فى الجيش، زى أخواله، اللواء سامى والعميد نبيل والعميد سمير، وكان والده بيشجعه على تحقيق حلمه، على الرغم من انه كان مهندس، ونفسه ابنه يكون زيه، لكن لأنهما كانا اصحاب جدا، وعلاقتهما ببعض مش بس اب وابنه، لكن أصحاب واخوات، وكان والده بيعتبره صاحبه الأول فى حياته، علشان كده شجعه يقدم فى الكلية الحربية، وبعد ما انتهت اجراءات واختبارات التقدم، وظهرت النتيجة بقبوله ضمن الطلبة المقبولين بالكلية الحربية، واتخرج حازم فى عام 2000 شهر يوليو، ومش ممكن انسى أول كلمة قالها لى وهو ببدلة الضباط بعد حفلة التخرج، وعلى كتفه أول نجمة :" يا ماما ادعى لى أكون شهيد" ساعتها قلت له:" ليه يا ابنى الكلام ده؟ احنا فرحانين بتخرجك، ليه توجع قلبى عليك؟" وكأن السماء كانت مفتوحة، وكأن طلبه كان مجاب، وطبعا من ساعتها وأنا بخاف عليه جدا، رغم أن حازم كان فى طفولته يحب اللعب والشقاوة، وكان يحب يفكك العابه ويجمعها تانى وعنده روح المغامرة والاستكشاف، وكان ده عاجبنى فيه جدا، وانا ووالده كنا بنشجعه على رغبته فى اكتشاف الأشياء، وإقباله على الأمور كلها بشجاعة، لكن من ساعة تخرجه، كان فى حاجة بخاف منها بعد كلامه اللى قاله عن الاستشهاد، ومرت الأيام وتزوج من بنت الجيران وزميلته فى دروس الثانوى العام".
... وتكمل الحكاية البطلة الثانية فى حياة الشهيد حازم السيدة نسرين عبد الفتاح :"... أنا اتقابلت مع حازم، حبيبى، لما كنا طلبة مع بعض فى دروس الثانوية العامة، وجيران فى شارع النيل الأبيض فى المهندسين، كانت بدايات قصة حب بدأت بالإعجاب وإحنا طلبة، وما كنتش متخيلة انها تستمر, وبعد ما خلصت الكلية، جانى حازم حبيبى يتقدم لخطبتى من اسرتى, وكانت حفلة الخطوبة فى 2003 وبعدها بأقل من سنة فى 2004 ربنا أكرمنى بزواجى من أعظم، وأحن، وأجدع راجل فى الدنيا، وربنا رزقنا (جوانا) فى 2006 وحبيبى هو اللى اختار اسم بنتنا الأولى، وكان عاجبنى أوى اسمها، وبعدين هلت علينا الزهرة التانية فى حياتنا، وأنا اللى اخترت اسمها (هنا) 2007، وانتقل حبيبى من السويس للقاهرة وكان ناجح جدا فى عمله لدرجة أن قادته رشحوه للعمل بوحدات وأماكن مهمة جدا منها الأمانة العامة لوزارة الدفاع، ومع اوائل 2013 تقدم لاختبارات دورة أركان الحرب، ونجح فيها، وبدأ دراسته بكلية القادة والأركان، وساعتها ربنا أعطانا ابننا (ادم) اللى كان نسخة من حبيبى فى كل تصرفاته، الشقاوة، والمرح، والشجاعة، واللباقة، والقدرة على اكتساب حب اللى حواليه، تمام زى والده، حبيبى، واتخرج حبيبى من كلية القادة والأركان فى الدورة رقم63 وكان من ضمن أصحابه المقربين المقدم أحمد الدرديرى، اللى بعد كدة أصبح الشهيد احمد الدرديرى، ووقتها لأول مرة أشوف حبيبى حازم بيبكى زى الأطفال على استشهاد صاحبه، لحد ما بكانى معاه من شدة بكاءه على صاحبه، وكان بيحكى عنه، وعن جدعنته، وشهامته، وبطولته وهو بيبكى، لدرجة انى ما كنتش فاهمة كلامه أوى، لكنى حاسة بوجع قلبه على صاحبه، حازم حبيبى كان بيحب الخير للناس، والناس اللى تعرفه واتعاملت معاه كلهم بيحبوه علشان تصرفاته الطيبة مع كل واحد يعرفه، وأقدر أقول إنه كان نموذج فى الجدعنة مع كل معارفه، وأهله، وجيرانه، وأصحابه، وعمره ما تأخر عن واجب تجاه أسرته أو معارفه، واتنقل حازم حبيبى لدمياط كان الحاكم العسكرى، وبعد شهور قليلة جانى واتكلم معايا:" عايز اقولك حاجة مهمة جدا" ساعتها انتبهت له أوى، وحسيت أن كلامه اللى جاى شكله ح يبقى صعب من نبرة صوته وشكله اللى ما كنتش متعودة عليه إلا وهو بيضحك ومبسوط، لكنه كان جد جدا، وكأنه عايزنى أشاركه اختياره، وقال لى:" السيد قائد الجيش إجتمع بعدد من الضباطـ وأنا واحد منهم، وقال أنا عايز رجالة، يختاروا بإرادتهم يكونوا معانا فى سيناء، وكان طلبه رغم إنه بيخيرنا، إلا إنه كان عارف الرد مسبقا، لأن أكيد مافيش راجل يطلبه وطنه ويرفض " وسكت حازم حبيبى وفضلت عينه فى عينى، وكأنه بيطلب منى إنى أوافقه على رأيه، وساعتها كنت صريحة جدا لخوفى عليه وقلت:" أيوة بس سيناء اللى بيروحها ما بيرجعش منها، ليه كدة، ما فيش مكان تانى تخدم فيه بلدك غير سيناء، أنا خايفة عليك أوى" لأنى كنت عارفه حبيبى، وحافظاه، كان شجاع جدا، وما بيخافش أى حد، ولا من أى حاجة غير ربنا سبحانه وتعالى، والصفات ديه تقلقنى عليه لو راح سيناء، وطبعا هو مش عاجبه كلامى، لكنه كان عايز يقنعنى، علشان حاجة ما عرفتهاش إلا قبل استشهاده بساعات لما اتصل بيا الساعة عشرة بالليل يوم الأربعاء، وإتكلم كتيرعن حياتنا مع بعض، وأد إيه إنه بيحبنى، وإزاى إنه عارف ومتأكد إنى أجدع منه، وح أتحمل اللى ح يحصل بعد كده، وفى المكالمة ديه لأول مرة وصانى على جوانا وهنا وادم، وقالى إنت اللى ح تكملى المشوار، وخدى بالك منهم أوى...، ولكن لما شوفت فى عنيه رفضه لكلامى، ورغبته الشديدة فى إنه عايز يروح سيناء، سكت، وقلت له اللى إنت عايزه، وبكيت، وهو أخدنى فى حضنه فى حنية وعطف، زى ما يكون والدى وطبطب على وقال:" لو أنا جنبك فى السرير نايم، والصبح جيتى تصحينى، اكتشفتى إنى ميت من بالليل، تقدرى تصحينى او ترجعينى من الموت؟!" هزيت رأسى وأنا فى حضنه، وقلبى صرخ، وقاله: بعد الشر عنك يا حبيب قلبى" اتنهد بنفس طويل، وقال بصوت هادئ ومؤمن جدا :" قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا" قلت بصوت مليان بكاء ودموع:" ونعم بالله" وكانت ديه قدرته اللى دايما بيقنعنى بها على كل حاجة عايز رأى فيها، ومحتمل إنى أرفض رأيه، وفى النهاية لحبى الكبير أوى ليه، كنت بوافقه على كل طلباته علشان ما ازعلهوش، وكمان لثقتى الكبيرة فى أنه صاحب رأى حكيم وفكر على مستوى عالى من الرقى، والادراك لكل أمور الدنيا، كنت دايما شايفاه أدام عينى أكبر حاجة فى الدنيا، ومش عارفه بعد كده كنت على حق والا على خطأ، إنى وافقته على العمل بسيناء، لكن كنت بفتكر دايما كلامه وأصبر نفسى به".
أما والدة الشهيد فتحكى عن امور لا يعلمها بعد الله إلا هى:"... انا عرفت أن إبنى مش ح شوفه تانى، لما جانى يسلم على، بعد اجازته ما خلصت، وهى كانت ساعة واحدة اللى كان فيها معايا، لكن معظمها كان فى رده على زمايله بالكتيبة، وأحوالها وكل خمس دقايق إتصال من زميل له من الكتيبة، لحد ما قلت له: يا بنى خليك معايا شوية، انت واحشنى" وقالى :" يا ماما إنت معايا على طول، إنت الخير والبركة، ودعواتك هى اللى ح تخلينى فى السما" كان حريص ساعتها أن عينه ما تجيش فى عينى لإننا كنا فاهمين بعض أوى، لما عنينا تيجى فى عين بعض، وكأنه كان حاسس إنها زيارة الوداع، وما حبش يزعلنى، وهو بطبعه عمره ما زعلنى فى حاجة أبدا، حتى لما اتصاب قبل استشهاده فى سيناء، واتنقل للمستشفى، وعمل عملية فى رجله، وكان فى آثار إصابات فى وجهه وعينه، دخل من الباب بسرعة ناحية أوضة والده على طول، وسلم على بالإشارة، مش زى عادته يترمى فى حضنى، ويخلينى أحس بكل حاجة حصلت له، أو مضايقاه، ودخل لوالده اللى كان صاحبه جدا، وحكى له على محاولة التكفيريين لإصابته أو اغتياله هو وزمايله فى أثناء لما كانوا فى المدرعة فى مأمورية فى سيناء، وأخفى على كل الأحداث دية، وما عرفهاش غير والده وزوجته، اللى بعتبرها بنتى الثالثة وهى كمان من خوفها على ما كنتش بتحكى عن المشاكل اللى بيشوفها حازم فى عمله بسيناء،... وساعة الزيارة الأخيرة، قلت له:" إنت على طول مستعجل كدة؟!" قالى:" ادعى لى يا ماما أوصل بسرعة، لإنى متأخر أوى، ولسه عندى حاجات كتير أعملها قبل ما أوصل سيناء" قلت له:" يا إبنى أقعد معايا شوية طيب، إنت واحشنى" ما اتكلمش خالص، لكنه حضنى، حضن كبير أوى، حسيت وهو قريب من قلبى بوخزة فى قلبى خلتنى أبكى، وحسيت بإحساس مؤلم جدا، بس ما رضتش أصدق كلام قلبى" وسابنى وسافر، وبعدها بيوم إتصل على، وكانت أخته عندى، وسلم عليها وعلى أولادها، وعرفت منها إنه عدى عليها، وعلى أخته الثانية، وسلم عليهم، وكمان عرفت من نسرين زوجته، إنه سلم على أسرتها قبل ما يسافر المرة الأخيرة، دبت فى قلبى حاجة تعبتنى أوى، خاصة إنى لسه من شهر مودعة شريك عمرى، بعد رحلة صراع مع السرطان، انتهت برحيل شريك حياتى فى 29 يوليو 2016، والعجيب أن بنتى قالت لى ساعة ما كان حازم مع بابا فى المقبرة سمعته من فوق وهو بيقول :".. أنا مش ح اتأخر عليك يا صاحبى" وراجعت بنتى فى كلامها ده أكتر من مرة، وهى تأكد إنها سمعته، وكان مع الموقف ده إنى افتكرت رؤية كانت جات لى ونسيتها بعد ما قمت من النوم مباشرة، وافتكرتها بعد كلام إيمان عن أخوها، وهى: إنى شوفت العيلة كلها فى المدفن الجديد اللى اشتراه شريك حياتى قبل وفاته علشان يكون مثوانا الأخير فى طريق الفيوم، وكان المشهد فيه كل أفراد العيلة، لكن واحد بس ماكنش موجود فيه، وهو ضناى حازم، سرحت مع الحلم وبنتى بتكلمنى، وبتنده على، هو فى إيه ياماما، إنت مش سمعانى، بكلمك، رجعت من اللى كنت فيه، وقلت لبنتى:" أنا قلبى مقبوض على أخوكى، تعرفى: إنه لما كلمنى، سألنى على المدفن الجديد، وفضل يسأل عن شكله ومساحته، ورغم إنه راح معايا بعد ما استلمنا المدفن مرة واحدة ومشينا من عنده بسرعة، إلا إنه قالى إحكى عن أوصاف المدفن، ومش عارفة ليه كان بيسأل بإلحاح عنه، وسألنى هو إحنا ليه ما دفناش بابا فيه، قلت له ما حدش بيختار يا أبنى كل واحد بيروح للى مكتوب له، هو والدك اندفن فى مقابر أسرته بالسيدة عائشة، ساعتها سكت وقال صح يا أمى، ادعى لى يا أمى".
وتحكى الزوجة البطلة:".. كانت إصابته الأولى فى رجله قريب من الشريان الوحشى، وتناثرت شظايا فى جسمه ووجه، وانتقل للمستشفى لإجراء عملية جراحية، وبعد أن أتم الله شفاءه، قلت له: "مش كفاية كدة علينا انا خايفة عليك اوى" رد على وقال :"تخيلى الإصابة دية، كانت سبب إنى توليت وظيفة قائد كتيبة قبل كل دفعتى بسنتين" تلفت يمينا ويسارا، وانا أعجز عن اقناعه، وهو يتقن إقناعى بكل ما يريد، وكما اعتدنا سويا ينتهى الحديث بموافقتى على رأيه، فهو قد أقنعنى بأنه أصبح قائدا، وأنه فقط يعطى أوامر وتعليمات، ويبقى فى المكتب، ولا يخرج مداهمات أو مطاردات، ولن يتعرض أبدا للخطر، وخدعنى حبيبى فى كل ما أقنعنى به، فحتى الآن يحكى زملاءه لادم إبنى الذى كان يعشق والده حتى أنه كانت تصرفاته، وكلامه، ومشيته، وهيئته كأنه هو حبيبى حازم، كان أصدقاء حبيبى حازم يفاجئوننى بحكايات كنت أبكى عند سماعها عن بطولة حازم وشجاعته، وأنه فى كل مداهمة كان الأول قبل رجاله من الضباط أو الجنود، وكثيرا جدا ما تعرض للاغتيال فى كمائن أعدها التكفيريين له، لأنه كان مطلوبا بالإسم لديهم، وأنهم أعلنوا عن مكافآت كبيرة لمن يأتى بمعلومات عن تحركاته وتوقيتاتها بدقة، وليس فقط عن قتله، لأنه أذاقهم الويل، وكبدهم خسائر فى أرواحهم، وكنت أتذكر كلام حازم حبيبى عن عمله بسينا:" أنت بتضرب نار يا حازم وبتطارد الإرهابيين؟" كنت اسأله لمحاولة ساذجة منى أن استخلص منه أية معلومة تدفعنى لإقناعه بالاكتفاء والعودة من سيناء، لكن حبيبى الذكى الفطن، كان يتعامل معى وكأننى ابنته التى تعلمت كل شىء على يديه، وهو الذى تتكشف أمامه كل الحيل، بمنتهى اليسر، ودون عناء، ويقول لى بمكر شديد، لكنه يطمأننى:" إنت فاكرة إنى بجرى وراهم، أبدا!، ده شوية طلقات رصاص فى الهواء علشان ما يقربوش من الكتيبة" ويضحك معلنا بساطة الأمر وهوانه، وأنا أميل دائما إلى الاطمئنان على حبيبى وأرفض أية فكرة تجول بخاطرى تنال منه أو تفزعنى عليه، لكن بعد مكالمة العاشرة مساء الأربعاء 7 سبتمبر 2016 كنت فى عزم من امرى أن اقنعه بالعودة للابد من سيناء، وظللت طوال الليل أقنع نفسى أولا بكيفية إقناعه حتى حل الصبح على، وجاءنى إتصال من زملاء حبيبى حازم، وكان الإتصال الذى كنت أخشاه وأبعده عن مسامعى كلما يرن جرس التليفون ويكون حبيبى فى سيناء، لكنه هذه المرة كانت الحقيقة التى قضت على أوهام كانت تؤرق حياتى، واسعى جاهدة لأخفيها عن حبيبى، وقضى الاتصال أيضا على حياتى التى انتهت مع إنتهاء تلك المكالمة، فكان حبيبى فى سيناء التى عشقها، وفى أثناء إحدى المداهمات التى أخفى عنى مشاركته فيها – على الإطلاق- استشهد البطل، وصعدت روحه الطاهرة من سيناء، وبقيت انا جسد – بلا روح- يكمل المشوار كما اراد، وطلب منى فى مكالمة مساء أمس :" خلى بالك من الأولاد "
... وتحكى الأم البطلة:"... جاءنى الاتصال من والدة نسرين زوجة إبنى باستشهاده، لكننى لم أترك لعقلى سوى تكذيب ما اسمعه، واتصلت للمرة الأولى بالرقم الذى تركه لى بعد وفاة والده، وقال لى مؤكدا لا تتصلى على هذا الرقم إلا فى الضرورة القصوى، وامتدت يدى بصعوبة بالغة لألتقط أرقام التليفون والدموع تسبق الأنباء فهى قادمة من قلب أم احتضنت وليدها وعلمت بما هو آت، وارتأت من منامها ما أرق يقظتها جزعا على فلذة كبدها، وتواترت إليها أحاديث عنه تشى بالرحيل لا محال، وإذا بالطرف الآخر من التليفون – الخاص جدا- يرد: نعم يا أمى، البطل شهيد الوطن".
وكُنيت مدرسة الشيخ زويد باسم البطل، وبُنى مسجدا بالإسماعيلية على يافطته اسم البطل، وقاعة بالجيش الثانى الميدانى، ومسجدا بمقر القيادة باسم الشهيد البطل حازم إبراهيم حامد عبد القادر....
وتأتى جوانا لتسأل ولدتها، أثناء مشاهدتما لمسلسل أبو العروسة:" مين يا ماما يقف جانبى وأنا عروسة؟" ولم ترد الأم إلا بالبكاء، وتزرف الطفلة دموع تكفى لملء قلوب المخلصين حقدا على الإرهاب وأهله كلاب أهل النار، وتتوالى الأحداث على الزوجة البطلة، وتواجه ما لا تحتمله الجبال، وتأتى هنا تلقى على قلب أمها بسؤال :" إشمعنا أنا بابا مات؟" فترد الأم ببعض الحيلة:" مش صاحبتك كمان باباها توفى" فتبادر الابنة صاحبة الثأر:" أيوة: صاحبتى باباها كان مريض، علشان كدة مات، أما بابا: واحد موته، وهو مش مريض ولا حاجة، ليه أنا بابا واحد يموته؟".
حتى يأتى ادم بدوره ليسأل والدته:" انا عارف أن بابا بطل وشهيد عند ربنا" فتسأل الأم بعينها وايماءات برأسها يفهم منها الطفل : لماذا تقول ذلك؟، فيرد الطفل بذكاء موروث:" أنا بسمع من أصحاب بابا إنه بطل وأنا عايز أكون زى بابا، بطل".
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (1)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (2)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (3)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (4)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (5)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (6)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (7)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (8)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (9)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (10)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (11)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (12)
.jpg)
الشهيد حازم إبراهيم (13)